الثلاثاء، مايو ٢٦، ٢٠٢٠

28-7-2008كادر المعلمين.. إهدار الخبرة و الكرامة



كادر المعلمين.. إهدار الخبرة و الكرامة
                                                                        بقلم/ سمير الأمير

تنطوى الاختبارات المزمع عقدها لكل معلمى مصر بنهاية شهر أغسطس 2008 والتى أعلنت وزارة التعليم أنها تهدف إلى تسكينهم فى الوظائف التعليمية على منطق غريب، إذ أنها تعنى أننا نبدأ من المربع رقم واحد وكأن كل معلمينا بحاجة إلى شهادة صلاحية للتدريس مما يعد فى تقديرى إهدارا لكرامة المعلم المصرى وتشكيكا فى قدراته، الأمر الذى سيكون له انعكاساته السلبية على سمعة المعلم المصرى فى البلاد العربية التى اعتمدت على المعلم المصرى منذ استقلالها وحتى الآن، فقد قاد المعلم المصرى عملية التعريب فى المغرب العربى وأسهم فى نشر التعليم بدول الخليج العربى بصورة لا يستطيع أحد أن ينكرها ولعل الدكتور حسين كامل بهاء الدين كان من أكثر وزراء التعليم وعيا بتلك الحقيقة وكان لديه إيمانا عميقا بأن لدينا ما يمكن البناء عليه ومن ثم أرسل الرجل إلى الدول الأوربية أكبر بعثة تعليمية ضمت صفوة من المعلمين المصريين المتميزين قوامها 11000 معلم من كافة التخصصات وكانت وجهة نظره أن هؤلاء المبعوثين العائدين سيشكلون ما يعرف بالكتلة الحرجة المنوط بها تطوير نظام التعليم فى مصر وقد أنفقت مصر على تدريب هؤلاء المعلمين بالخارج ملايين الدولارات هذا بالإضافة إلى ما أنفق على إدارات التدريب فى مختلف مديريات التعليم بكل أنحاء مصر،
 إن مشروع الكادر بوضعه الحالي وباختباراته ذات المستويات المجحفة سوف يربك التعليم في مصر ويصيب المعلمين بالإحباط وذلك للأسباب ألأتيه:-
 1- يساوى الكادر بين المعلم الذى عمل فى الحقل التعليمى لمدة 25 عام وبين المعلم الذى قضى 15 عاما لكونهما يشغلان درجة مالية واحدة
2- يعتبر الكادر أن كل شهادات الخبرة بدرجة امتياز التى حصل عليها المعلمون المصريون من وزارات التعليم فى الدول العربية كأنها لم تكن وإن كان ذلك يمكن قبوله باعتبار أن شهادات الخبرة تلك لا علاقة لها بمصر فهل يمكن لعاقل أن يتصور أن وزارة ترسل مدرسيها لبعثات وتنفق على المدرس الواحد آلآف الدولارات لكى يتلقى تدريبا متقدما فى أرقى معاهد وكليات التربية بانجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ثم لا تعترف تلك الوزارة بالشهادات التى حصل عليها معظمهم والتى أثبتت أنهم كانوا ممثلين ممتازين لمهنة التدريس المصرية وللشعب المصرى، وكذا لم تذكر كل تقارير الأداء السنوية التى  يبدو أن الغرض منها كان شيئا آخر غير تقييم الأداء
4- ليس من المنطقى أن مدرسا أو مديرا لم يتبقى له سوى أربع أو خمس سنوات على سن الخروج للمعاش يكون عليه أن يخضع لاختبار الكادر ليتم تسكينه على وظيفة معلم خبير أو معلم كبير،
5- يهدر المشروع كل المؤهلات التربوية التى حصل عليها المعلمون المصريون وذلك لأن الممتحنين يصرون على اختبار المعلمين فى نظريات التربية التى لا يملك المعلمون لها كتبا أو مراجعا ولم يتم تدريسها لهم فى أى من وحدات التدريب المنتشرة فهل سيتم إغلاق كليات التربية باعتبار أن خريجيها غير مؤهلين تربويا وأن شهاداتها مجرد حبر على ورق
6- هناك قدر لا يستهان به من انعدام الثِقة بين الوزارة ومنتسبيها ويتشكك بعض المعلمين فى الكيان الافتراضى غير الملموس فى الواقع والذى سيعقد لهم الامتحانات ويرى أن الوزارة هنا تخطت حدودها لأن ذلك منوط بالجامعة وبكليات التربية التى يمكنها أن تعين الأكاديميين الصالحين لقيادة عملية التطوير ويتساءل كثير من المعلمين عن سر تعيين هؤلاء المحظوظين فى تلك الأكاديمية الافتراضية
7- لم تعد نسبةال50 فى المائة التى حصل عليها المعلم تحت مسمى المرحلة الأولى من الكادر تميزه بأية ميزة عن أى موظف فى الإدارة المحلية حصل على نفس النسبة تحت مسمى" حافز الإثابة" ولكى يعلم الجميع إلى أى مدى هذه النسبة هزيلة يكفى أن أضرب مثلا بنفسى إذ قضيت فى التربية والتعليم أكثر من 25 عاما وبلغت الزيادة فى مرتبى حوالى 130 جنيها فقط
8- المدة البينية للتقدم لوظيفة أعلى هى خمس سنوات  والمطلوب أن يؤجل المعلم دخول الامتحان إذا كان ينتظر  ترقية تؤهله لدخول المستوى الأعلى فهل يسمح له بالتأجيل لأكثر من عام أم أن عليه أن يكشف رأسه للسماء ويدعو الله أن ينجده بالدرجة المالية الجديدة قبل حلول الموعد؟
إن السرعة غير المبررة التى شابت التخطيط لهذا الكادر بدت وكأنها نوع من التأجيل أو للالتفاف على وعد الحكومة بإصلاح أحوال المعلمين المادية ويكفى للدلالة على فشل القائمين على هذا الكادر أن هناك حالة عامة من السخط تسود أوساط المعلمين المصريين فى بداية عام دراسى جديد ستنعكس بالتأكيد على أدائهم داخل الفصول ويتساءل بعض المتندرين والمتفاكهين من أبناء المهنة عن الضمانات التى تجعل امتحان الكادر لا يتسرب بنفس الطريقة التى اتبعها أصحاب النفوذ لتسريب امتحانات الثانوية العامة ! أما بعض المتشائمين فيقولون أن كافة مؤسسات المجتمع التربوية أصبحت خارج السياق ولا سبيل لإصلاحها إلا  فى ظروف سياسية واقتصادية مغايرة


 

ليست هناك تعليقات: