الثلاثاء، مايو ٢٦، ٢٠٢٠

15-12-2007لا علاقة بين كادر المعلمين وظاهرة الدروس الخصوصية



لا علاقة بين كادر المعلمين وظاهرة الدروس الخصوصية
                                                                      بقلم/ سمير الأمير
فى ظنى أن كادر المعلمين لن يقلل من حجم ظاهرة الدروس الخصوصية كما يظن بعض المسؤلين فالظاهرة مرتبطة أساسا بنظم الامتحانات وبالمحتوى التربوى الذى تم اختصاره فى مدارسنا إلى مجرد تحصيل المعلومات، إن الدروس الخصوصية لن تتقلص إلا باختفاء  الأسباب التى تشكل أساس وجودها وأول تلك الأسباب هو أن أمتحان آخر العام  يشكل 100% من درجة الطالب فى الشهادات العامة و80% فى  باقى سنوات الدراسة وبالتالى يتم اختصار مجمل الخبرة التربوية التى يجب أن يمر بها الطالب طوال العام الدراسى ليحقق نمواً فىكل جوانب الشخصية إلى مجرد ساعات الامتحان فى آخر العام التى يتحدد فيها مصيره ، من هنا نشأت الحاجة إلى المدرس "الفتك" الذى يستطيع أن يخمن و"ينشن"  ويلخص الكتاب المدرسى فى وريقات معدوده  يسميها" المذكرة" وقد يطلق عليها أسماء "دلع" أخرى مثل" المفيدة" أو " المنقذة" حسب متطلبات الدعاية والسوق
   والسبب الثانى فى اعتقادى هو الكثافة فقد يصل عدد الطلاب إلى أكثر من خمسين طالب فى الفصل الواحد مما يجعل عملية الاستيعاب مستحيلة فى ظل عدم قدرة المدرس على ادارة فصل  يضم هذا العدد من  الأطفال أو المراهقين الذين يستحقون بكل تأكيد إهتماماً خاصاً
 ولعل السبب الثالث لانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية  هو أن الاختبارات فى مصر لا تقيس ما يسمى" بالمستوى المتوقع" أى مايتوقع أن يكون لدى الطالب من معارف ومهارات فى مرحلة دراسية معينة ولكنها تقيس القدرة على الاستظهار دون فهم وقد برع بعض المدرسين فى جعل طلابهم يحلون ألغاز الامتحانات دون الحاجة لأى قدر من الفهم بل إن بعضهم ينزعج إذا حاول طالب ما أن يفهم لأن ذلك قد يجعله يفكر ويتردد وبالتالى من المحتمل أن يخرج عن الخطوات المحددة والمعروفة فيفقد درجة السؤال وفى مصر وحدها فقدان درجة واحدة قد يغير مصير الطالب  ويدمر أحلامه لأن مكتب التنسيق سيحكم عليه بالمؤبد  وقد يلقيه فى كلية لم يكن يتصور أنها ستفرض عليه،
يمكننا أن نضيف سبباً رابعاً يتمثل فى ضعف مستوى المعلمين وذلك أيضا يرتبط مباشرة بضعف مستوى خريجى كليات التربية والأداب الذى هو جزء من ضعف مستوى خريجى الجامعات المصرية بشكل عام
    من هنا أعتقد أن ربط ظاهرة الدروس بضعف رواتب المعلمين هو نوع من التعسف والصحيح أن بعض المعلمين يستفيدون من هذا الوضع فى ظل تدنى مرتباتهم وفى ظل وجود الحاجة للدروس الخصوصية التى خلقتها الأسباب التى لم يكن المدرسون طرفاً أساسياً فيها أى أن الدروس الخصوصية هى سبيلهم لمواجهة متطلبات الحياة التى أصبحت بالغة الصعوبة( مع الاعتراف بأن قلة منهم أصبحوا أباطرة) وهم فى ذلك لا يختلفون عن الأطباء مثلاً الذين يستفيدون من تدنى مستوى الخدمات الطبية فى المستشفيات العامة هذا التدنى الذى يخلق لدى المرضى حالة عدم الثقه بها فيلجأون للعيادات والمستشفيات الخاصة والغريب أننا لا نسمع من يجرم تلك العيادات، ربما أيضاً لأن المجتمع والدولة يطبقان معاييراً مزدوجةعند النظر للمدرس والطبيب!!
نشر بجريدة القاهرة

ليست هناك تعليقات: