حول مؤتمر المثقفين مكتوب فى-1-11-2004
بقلم/ سمير الأمير
يعتقد البعض أن إطروحة مؤتمر المثقفين هى حصان طروادة الذى سوف يمكننا من
اقتحام قلاع الجهل والتخلف وشبح الطائفية
البغيضة التى تهدد وجودنا ومستقبلنا كشعب واحد له ملامح مشتركة أساسية بغض النظر
عن تنوع بيئاته الزراعية والبدوية والصناعية، وفى ظنى أن هذا الطرح لن يؤدى إلى
فائدة كبيرة،وسيضاف إلى ما سبقه من مؤتمرات لا يتعدى تأثيرها وصخبها جدران الغرف
المكيفة التى عقدت فيها، بل ربما يكون هذا المؤتمر استمرارا لحالة الجدل البيزنطى التى تكاد تكون سمة عامة فى معظم ندواتنا
وتجمعاتنا الثقافية والأدبية، و يذهب البعض
إلى القول بأن مؤتمرا كهذا ينبغى أن يكون مستقلا عن الدولة وذلك لكى لا
تستغله فى توازناتها الهشة التى أدت فى معظمها إلى كوارث وأزمات أصبحت تعصف بأعمدة
المجتمع المصرى الأساسية وربما يكون لديهم
جانبا من الحقيقة، إذ أن ضلوع الدولة المصرية فى تهميش المثقفين أو توظيفهم فى
صراعتها السياسية مع اتجاهات بعينها أدى إلى حالة الاحتراب بين تلك الاتجاهات من
جانب وبينها وبين الدولة من جانب آخر كما أدى إلى حالة التردى الحضارى الحالية فى
المجتمع المصرى وهو أمر لم تشهده بلادنا منذ العهدين العثمانى والمملوكى، ويرى
البعض الآخر أن مؤتمرا كهذا لا ينبغى أن يتم بعيدا عن رعاية الدولة التى تملك
الأدوات السياسية لوضع توصياته موضع التنفيذ، وفى تقديرى أنه لابد أن تكون أهداف
هذا المؤتمر وتوجهاته واضحة من البداية وهذا الوضوح يتطلب حسم هذا الخلاف وذلك بأن تقوم هيئة تأسيسة للمؤتمر تضم مثقفين
مصريين من كافة الاتجاهات بعقد عدة لقاءات تمهيدية مع كافة الفاعليات السياسية فى
المجتمع المصرى بما فيها الأحزاب والجماعات الفكرية والحركات السياسية المستقلة
وذلك بهدف الوصول إلى تصور مشترك وتبنى أهداف عامة حول قضايا التعليم والثقافة
والدولة المدنية وأيضا القضايا الخارجية
المؤثرة كالصراع العربى الإسرائيلى والموقف من الصهيونية والتطبيع وكذا الموقف من
حركات المقاومة فى المنطقة،
إننى أرى أن مؤتمرا كهذا يمكن أن
يكون بمثابة بداية حقيقية لعودة الروح إلى
المجتمع المصرى الذى شهد فى العقود الماضية تراجعات فكرية تكاد تقوض بناءه الحضارى
الضارب فى عمق التاريخ، فليس مقبولا مثلا أن تكون الثقافة المصرية سمة متنحية أمام
الاتجاهات السلفية المتخلفة التى تحملها رياح الصحراء وليس مقبولا أيضا أن نواصل
تشدقنا بالدور الحضارى والمركزى للثقافة المصرية فى المنطقة العربية بينما تتبنى
القيادة السياسية نفس المفهوم الغربى والأمريكى للإرهاب مما يؤدى فى كثير من الأحيان لسهولة اتهامنا
بالرضوخ للمشروع الأمريكى الذى يسعى لتفتيت المنطقة إلى كنتونات طائفية سعيا
لتعظيم دور إسرائيل ليحل محل الدور المصرى،
أعترف أن ما أطرحه هنا يغلب
عليه الجانب السياسى ولكن دافعى لهذا هو محاولة البحث عن تصور إيجابى يخرجنى أنا
ومن يشبهنى من شعراء وكتاب وفنانين من حالة الإحباط العام التى فرضتها الأزمات
والكوارث التى تعصف بقيم التعايش والتسامح التى تعلمناها من الفلاحين والعمال
وأطرتها كتابات طه حسين ونجيب محفوظ وجمال حمدان وصلاح عبد الصبور ويوسف إدريس
وكثيرين يخجل المرء من ذكرهم بينما كان ينبغى أن يزهو بهم، وذلك لعمق ما أنجزوه
ولضحالة ما نخوض فيه، إذ كيف يكون لدينا كل هذا التراث الفكرى والأدبى العظيم ونصل
إلى حالة الاغتراب النفسى والثقافى الحالية؟ هل نتهمهم بالتقصير؟ لا أظن ولكنا نحن
الذين فرطنا فى تلك الثقافة التى حملوها على أكتافهم كصخرة سيزيف، وهذا هو مبررى
لاتهام السياسة بإفساد الثقافة، إننى
أتوقع أن يكون للمثقفين المصريين موقفا واضحا من قضايا التعليم و الفساد والحرية
السياسية وتداول السلطة، وبنفس القدر أتوقع أن يتوافقوا على مواقف واضحة حول دور
مصر فى المنطقة العربية وأن تتم مراجعات واستشراف هذا الدور بنفس الحماس سواء كان
مؤتمرهم مستقلا أو تحت رعاية الدولة المصرية التى هى دولة المصريين جمعيا بغض
النظر عن مواقفهم السياسية والفكرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق