مصر خاضت حروبها
دفاعا عن نفسها
بقلم / سمير
الأمير
تناولت فى مقالات سابقة بعض الأفكار نشرت فى الجرائد والمجلات الصادرة إبان العدوان الأخير على الشعب
الفلسطينى فى غزة، ولم يكن دافعى للكتابة هو دحض ما عبر عنه المثقفون من آراء
أختلفت معها ولكن كان يحدونى الأمل فى أن نصل إلى جوهر الحقيقة التى نتناولها من
زوايا مختلفة وأن ندرك أنه طالما أن هدفا واحدا يجمعنا فلابد أن نصل إلى ماهو
مشترك ومن ثم نسعى للالتفاف حول ما يمكن أن نتفق عليه وتتقارب رؤانا بحيث تشكل تيارا عاما يجد
طريقه إلى عقول أبناء شعبنا وقلوبهم، الأمر الذى أراه مهما وجوهريا لتشكيل وعيا
سياسيا بحقائق الصراع فى المنطقة وبالجوانب المختلفة والمتعددة لهذا الصراع ولكننى كنت ألاحظ أن الخلافات الفكرية والمذهبية
التى ينبغى أن تشكل ثراء فى رؤيتنا العامة تتحول بالتدريج إلى أدوات لإثارة الفرقة
وللدفع بالصراعات الثانوية إلى مقدمة المشهد
فتحيل النقاش شجارا والانتقاد اتهاما
وبدا أن كل صاحب رؤية مكتفيا بما
يقوله وكأنه الحق الذى لا يأتيه الباطل من أمامه أو من خلفه، فالبعض يؤكد على أن كل ما حدث هو من تدبير إيران
وسوريا لإحراج مصر والمملكة العربية السعودية سعياً لتقليص دورهما فى المنطقة بل
ويحذر من الإيرانين الذين يصفهم بأحفاد كسرى الحاقدين على الأمة العربية والساعين
لبسط نفوذهم عليها بالاتفاق والتآمر مع الولايات المتحدة الأمريكية وربما يبالغ فيقول أن ما يبدو على السطح من
تهديد أمريكى بضرب إيران ما هو إلا سيناريو سابق التجهيز لخداع العرب البسطاء
الذين انطلت عليهم الخدع الإيرانية، والبعض- وأنا من هؤلاء- يرى أن الخطر يكمن فى
الهيمنة الأمريكية الراغبة فى فرض شروط
الإمبراطورية المنتصرة فى الحرب الباردة على
منطقتنا العربية التى تشكل بموقعها فى قلب العالم وبثرواتها ولاسيما
النفطية عصب الاقتصاد الرأسمالى العالمى
المبنى أساسا على نهب البلاد التى كانت خاضعة له تماما قبل استقلالها الذى حصلت
عليه فى مرحلة تراجع الاستعمار الفرنسى والبريطانى وظهور الاتحاد السوفيتى كقوة
مساندة لحركات التحرر الوطنى ولنضال الأمم الفقيرة ، تلك الأمم التى استطاعت أن
تحافظ على هذا الاستقلال النسبى عبر
المناورة السياسية ابان فترة الحرب الباردة بين المعسكرين، ومن هنا كنت ومازلت
أنظر للحرب الأخيرة على أنها جزء من تلك الرغبة فى تصفية أى محاولة لمقاومة شروط الاندماج
فى العالم الجديد بل لم يكن احتلال العراق
وسقوط نظام البعث القومى بعد أن استجاب لكل ما
فرضه عليه المجتمع الدولى وبعد قبوله بمنطقتى الحظر فى الشمال والجنوب وبتدمير
صواريخه بيده إرضاء للنظام الدولى وتجنبا للعدوان الأمريكى ، لم يكن ذلك سوى حلقة
من حلقات سيناريو اخضاع المنطقة برمتها والقضاء على أى توجه قومى أو اشتراكى أو
إسلامى بغض النظر عن اختلافاتنا نحن بخصوص تلك التوجهات، ولذلك أرى أن إيران كدولة
كبرى وصاحبة تاريخ عميق وممتد ساهم فى
إثراء الحضارة الإنسانية تسعى لمقاومة تلك الهيمنة ليس ادعاء ا- كما يقول البعض-
بقدرتها على هزيمة الولايات المتحدة واسرائيل ولكن تعبيرا عن الرغبة فى أن تفرض
شروطها أيضا لكى تتوافق مع النظام العالمى الجديد بشكل لا يهدد مصالحها ولا خطط
التنمية التى تنتهجها وهذا لا يعنى بالضرورة أننى
أتفق مع توجهات النظام الإيرانى الدينية ولكنى أيضا لا أغفل عن إدراك حقائق
الجغرافيا والتاريخ التى تجعلنا ندرك بالضروروة فضل الحضارة الفارسية على العرب
والعالم ومن ثم لا يروق لى تعبير " أحفاد كسرى" الذى استخدمه الأستاذ
" مجدى القمنى " فى معرض وصفه لما سماه" أطماعهم التوسعية"
تماما كما أنه لا يروق لى أن يطلق أحد الكتاب الإيرانيين علينا " أحفاد أبى
سفيان" أو " أبى جهل"
إذ يعد ذلك استسهالاً يتجاهل حقيقة أن الإيرانين والعرب أيضا يعبرون عن
أنفسهم كأبناء للحضارة الإسلامية التى انفتحت على
كل حضارات العالم القديم، , وإن
شئنا فلنتذكر ما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام عن سلمان الفارسى " سلمان
منا آل البيت" ، وفى تقديرى أنه من المنطقى أن نسعى لتطوير الوعى بحقائق
الصراع بعيدا عن قضية الدين التى تختصر الوطن فى الطائفة ولكن من غير المنطقى أن
اتجاهل العدو الحقيقى تماما واولى الأدبار ممتشقا سيفى لطعن أخى لكونه يختلف معى
حول وسائل مجابهة الخطر الذى يتهددنا أنا وهو فذلك لا يفيد أحد سوى عدونا المشترك،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق