الاثنين، مايو ٢٥، ٢٠٢٠

31-10-2007 اللواء صلاح الدين سليم




 اللواء صلاح الدين سليم
                                                               بقلم/ سمير الأمير

فقدت مصر اللواء أركان حرب صلاح الدين سليم وهو واحد من أبنائها العظام الذين كانوا ومازالوا يعرفون قيمتها ويناضلون للحفاظ على دورها كقوة قائدة لأمتنا العربية فى مواجهة المخططات الصهيونية التى تهدف لعزلها عن محيطها وتقليص دورها فى  الدفاع عن ثروات الوطن العربى وأراضيه ضد مشاريع إعادة الاحتلال التى تتخذ أشكال نشر الديموقراطية وإعادة صياغة الشرق الأوسط الكبير،
و اللواء أركان حرب صلاح الدين سليم من مواليد القاهرة عام 1942 تخرج من كلية العلوم جامعة القاهرة عام 1962 وانضم مقاتلا فى صفوف القوات المسلحة و حصل على الماجستير في الكيمياء الحربية عام 1969، ثم بعث إلى الاتحاد السوفيتى فى عام 1970و تخرج هناك من كلية أركان الحرب وعاد ليصبح بعدها قائدا لإحدى التشكيلات التي شاركت في حرب أكتوبر عام 1973، حصل على زمالة أكاديمية ناصر العليا العسكرية عام   1985 و عمل بعدها نائبا لمدير أكاديمية الحرب العليا، حصل على درجة استشاري للبيئة والوقاية من أسلحة الدمار الشامل من نقابة المهن العلمية في مصر، وعمل مستشارا للمركز القومي لدارسات الشرق الأوسط و لمركز الحرية للدراسات الاستراتيجية ثم عضوا في المجلس المصري للشؤون الخارجية وأستاذا زائرا بأكاديمية ناصر العسكرية العليا  وكان  يتقن اللغات الإنجليزية والفرنسية والروسية
صدر له حتى الأن أكثر من عشرة كتب في الجوانب الاستراتيجية والتاريخ العسكري ، كما شارك في كتابة التاريخ الرسمي لحرب أكتوبر عام 1973.

   حين التقيته فى مؤتمر أدباء مصر بسوهاج العام الماضى لم أستطع أن أسيطر على مشاعرى فاندفعت نحوه ورحت اقبل رأسه كأننى اعتذر له نيابة عن الكثيريين من ابناء جيلى ممن لا يعرفون قدره وقيمته كأحد أعظم ابناء المؤسسة العسكرية المصرية وكمقاتل ومفكر استراتيجى مصرى  ظل حتى الرمق الأخير مخلصا لوطنه ولقضايا أمته ، كانت تلك هى المرة الأولى التى أقابل شخصه العظيم وللأسف هى المرة الأخيرة أيضاً فقد فاضت روحه الكريمة إلى ربها نهاية الأسبوع الماضى ،
لقد شعرت حين قابلت سيادته وسمح لى بصحبته بضع سويعات أننى منحت شرفاً قد يستحقه من هم أفضل منى من أبناء القوات المسلحة المصرية العظيمة الذين لا يزالون على درب العزة والكرامة وعلى عهد الوفاء لقضايا مصرهم وأمتهم العربية، كان ذلك فى طريقنا إلى حضور إحدى فاعليات المؤتمر الذى كان محوره يحمل عنوانا يذكرنا بأن روح المقاومة لازالت جذوتها تشتعل فى نفوس أبناء مصر من الأدباء والكتاب وأنه من الطبيعى أن يكون اللواء صلاح الدين سليم أحد المحاضرين الأساسسين فى المؤتمر الذى كان محوره وعنوانه" الدور المصرى.. مراجعة واستشراف"
 كان الرجل العظيم يسير إلى جوارى ببطء يشى بأن المقاتل قد أرهقته الحياة التى لم تعد تحتفى كثيرا بالمقاتلين
ولكن وجهه الجميل كانت تعلوه ابتسامة من يثق فى أن القادم من الأيام سيكون أكثر إشراقاً وبهجة، حدثنى عن كل ما سألت عنه بتواضع  من تجردوا من بريق المناصب فبهرنى بمعرفته التفصيلية عن تاريخ الصراع العربى الاسرائيلى ، حدثنى عن مخاوفه وتألمه لما يحدث من انشقاق فى حركة التحرر الفلسطينية بين فتح وحماس وحدثنى عن العراق وعن محاولة أمريكا خلط الأوراق عبر تشويه المقاومة ووصمها بالإرهاب  ، كنت فرحا بلقائه فرحت أنادى زملائى من أعضاء المؤتمر ليحظوا بمعرفته  وأنا أشعر أننى أمنحهم شرفاً يستحقونه وأمنحه عرفانا يستحقه فقدمت له الكاتب المناضل الأسير المصرى فى سجون العدو الاسرائيلى" فؤاد حجازى" بتلك الصفات التى ذكرتها ليعرف أنه ليس غريباً وأن الأدباء قد عادوا مثله من الميدان، كنت أشعر أن اللواء صلاح الدين سليم هو أبى الذى ينبغى أن اتواضع له وأن لا أفارقه ونحن فى سوهاج وكنت أكاد اطير من الفرح حين يتكأ على كتفى وهو يصعد إلى الصندل النيلى الذى يحملنا إلى جزيرة نيلية  لحضور إحدى فاعليات المؤتمر، لم يكن معى سوى نسخة واحدة من كتابى الأول " يصل ويسلم للوطن" كنت أحتفظ بها لأهديها لأحد النقاد طامعا أن يكتب عنى بضع سطور فى جريدة لكننى وجدتنى أخرجها من حقيبتى وأكتب له إهداء
 يقول" ابن مصر المخلص العظيم
اللواء صلاح الدين سليم
حين تمنحنى شرف قراءة هذا الكتاب
الذى يحمل عنواناً أعرف أنك تحبه
تكون رسالتى قد وصلت بالفعل إلى الوطن.

___ نشر بجريدة القاهرة فى 30/10/07

ليست هناك تعليقات: