الجمعة، مايو ٢٢، ٢٠٢٠

6-12-2008 تحالف اليسار ضرورة موضوعية ولكنه مستحيل دون نفض الأوراق الذابلة



  تحالف اليسار ضرورة موضوعية ولكنه مستحيل دون نفض الأوراق الذابلة
بقلم/ سمير الأمير

تسعى بعض القيادات اليسارية إلى تأسيس ما يسمى بالتحالف اليسارى،  وفى تقديرى أن وحدة اليسار هى ضرورة موضوعية لسببين، الأول هو تراجع حركة اليسار بشكل عام في مقابل زيادة نفوذ الإخوان المسلمين والسبب الثانى هو غياب البديل الاشتراكى عن لغة الخطاب اليسارى وكأن كلمة اشتراكية أصبحت من مخلفات الحرب الباردة ولا أظن كما يذهب البعض أن تراجع النفوذ الجماهيرى لليسار المصرى يرتبط مباشرة بسقوط الاتحاد السوفيتى، فحركة اليسار في أمريكا اللاتينية آخذة في التصاعد وهو ما يثبت أن نفوذ اليسار يرتبط بحركته وبقدرته على الارتباط بالقضايا الجماهيرية في الداخل و أظن أيضا أن هذا التراجع ليس نتيجة لتعاظم نفوذ الإسلام السياسى بل يتراءى لى أحيانا أنه سبب أساسى له،  وفى تصورى أن قدرا كبيرا من انحسار دور اليسار في المجتمع المصرى مرجعه لهؤلاء اليساريين الذين تحولوا من مناضلين إلى نجوم في البرامج التلفزيونية، الأمر الذى أظهرهم كشخصيات بائسة وكأنك أتيت بجائع فقير وأدخلته على مائدة عامرة بصنوف الطعام فراح يتصرف وكأنها مسألة عادية بينما هو في حقيقة الأمر يجاهد لعابه خوفاً من أن يسيل قبل أن يشرع بقية المدعوين في تناول وجبتهم الفاخرة التى صنعت من اللحم الآدمى لملايين المصريين الفقراء، ومن ثم أصبح هؤلاء عارا على اليسار لأنهم تسببوا في تشويه صورة المناضلين الحقيقيين الذين تم إقصاؤهم عمدا من قبل هؤلاء  الأخوة المعتمدين لدى الأجهزة ومن ثم لا تتم دعوتهم لا لندوة ولا لمؤتمر ينظمه حاملو أختام اليسار الرسمية خوفا من انكشاف زيفهم وافتضاح لعبتهم إذ لا يزال حاملو الأختام اليسارية الرسمية سادرين في غيهم ومعتقدين أن وجوههم المزدوجة قادرة على الاستمرار في ممارسة الخداع، بينما يعلم العمال والفلاحون- الذين يخوضون إضرابا تهم واحتجاجاتهم عارين من أى تغطية يسارية من قبل هؤلاء- أن كذبهم لم يعد ينطلى على أحد فقد أصبحوا معروفين كتجار مواقف وكمستثمرى سياسة ولكن الكارثة الأكبرهى قدرتهم على الاستمرار في تبجحهم إذ بينما يسعون إلى تنمية تجارتهم الرخيصة يطلبون منا فى نفس الوقت ألا نغير نظرتنا لهم ( كمناضلين!)، بل يحملون على الشرفاء الذين رفضوا الانصياع لتحليلاتهم المشبوهة التى كرست للتنازل عن تاريخ الحركة اليسارية فيتهمونهم بالجمود الفكرى وبعدم القدرة على استيعاب المتغيرات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتى،
  في ظنى أن الدعوة لهذا التحالف لن تتجاوز كونها فرصة للقاء بين أصدقاء قدامى يتبادلون فيها كلمات الود وأرقام الهواتف ويتواعدون للقاءات أخرى لن تتم وذلك لأن الدعوة للتحالف تتجاهل ضرورة ممارسة النقد الذاتى والاعتراف بالأخطاء الجسيمة حيال مواقف بعينها تسببت في تراجع نفوذ ودور اليسار في المجتمع المصرى وأول هذه المواقف هى تلك الميوعة التى تعاملت بها بعض فصائل اليسار مع قضايا مفصلية مصرية مثل " الانتخابات"و " الخصخصة" والتعليم والبطالة و قضايا عربية مثل قضية " احتلال العراق" والمقاومة اللبنانية و" حصار غزة" ولنأخذ على سبيل المثال لا الحصر موقف إحدى الصحف اليسارية من الحكومة العراقية العميلة التى لم تتوقف يوما عن المجاهرة بعمالتها للاحتلال الأمريكى الصهيونى للعراق ولم تتوقف عن دعم مليشيات التطهير العرقى لكل من يثبت انتماؤه للعرب وللعروبة، تلك الحكومة التى مارست ورعت عمليات الإبادة الجماعية ضد السوريين والفلسطينيين والمصريين في العراق بدعوى أنهم كانوا عملاء لصدام حسين، فقد ورد في تلك الصحيفة ما يستوجب الاعتذار للشعب المصرى ولتاريخ كفاحه ضد الاستعمار وما يستوجب محاسبة هؤلاء الذين مجدوا " جلال طلبانى ومسعود البرزانى" ولكن الغريب أنه بالرغم من أن ما حدث أثار كثيرا من الاستياء والغضب وساهم في إضعاف وتشويه صورة الصحيفة ومصداقيتها لدى الشعب المصرى لدرجة أن توزيعها انخفض بصورة تدعو للتساؤل عن سر استمرار طباعتها- أقول أنه بالرغم من ذلك لا يزال مرتكبو تلك الخطيئة مستمرين في مواقعهم القيادية بعد أن أضروا بصورة الاشتراكيين المصريين بشكل عام، ومن الغريب و العجيب أن هؤلاء هم أيضا الأعلى صوتا بين الداعين لتحالف اليسار،
 . من هنا أرى أن تحالف قوى اليسار يجب أن يستبعد هؤلاء البرجماتيين إن هم أصروا على عدم الاعتذار للشعب المصرى وعلى عدم تراجعهم عن مواقفهم السابقة المثيرة للريبة لأن وجودهم في التحالف المزمع إقامته لا يعنى سوى أنهم يمهدون لصفقة سياسية أخرى يسعون فيها لبيع ما تبقى من تراث نضال الاشتراكيين المصريين جملة واحدة.

ليست هناك تعليقات: