الاثنين، مايو ٢٥، ٢٠٢٠

21-12-2007الدين لله والوطن للجميع) ليس شعاراً علمانياً كما يدعون



 ( الدين لله والوطن للجميع) ليس شعاراً علمانياً كما يدعون
                                                 بقلم/ سمير الأمير

     فى اعتقادى أن شعار "الدين لله والوطن للجميع"- يتفق مع الإسلام والدعوة إليه أقرب لروح الإيمان إذ( لو أن الدنيا تسوى عند الله جناح باعوضة ما سقى منها الكافر شربة ماء) وأيضاً ( لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى) بمعنى أن الدنيا للكافر والمؤمن على حد سواء
أما من يعارضون _ الشعار العظيم لثورة 1919 ويقولون بأن الدين لله والوطن لله فيقصدون أن الدين لهم والوطن لهم - لأننا إن قلنا أن الوطن لله فسوف لا يصبح وطنا حيث لدى المسيحى تصور ولدى المسلم تصور آخر ولدى اليهودى تصور ثالث وبالتالى هى دعوة للطائفية والحرب الأهلية والتشرزم وهذا ما يريده أعداء الوطن-
و السبب الحقيقى لرفض هؤلاء الذين ينشرون التخلف بين ظهرانينا لشعار ثورة 1919 العبقرى  هو أنهم لا يريدون أن يكونوا مثل بقية خلق الله مواطنين عاديين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات
      فهم يهاجمون طه حسين ولويس عوض و نجيب محفوظ ويتطاولون على سلامة موسى ويوسف إدريس وأحمد بهاء الدين بل لم يسلم من افترائهم الأمام محمد عبده وذلك لأنهم يريدون لهذه الأمة أن تتحول إلى أمة من الرعايا الجهلاء - لكى يقودوها إلى التخلف
تحقيقا لأغراض ريعية ومصالح ترابحية باسم ما يسمونه الاقتصاد الإسلامى الذى ليس سوى دعوة لقبول الرأسمالية تحت شعارات إسلامية لا ترى فى الإسلام مشروعا للعدل والمساورة بل تكريساً للظلم وإعادة إنتاج لفكر بنى أمية
و دعوتهم للحكومة الدينية لا تخدم فى الواقع سوى مصالح إسرائيل التى تشجع مشروعهم عبر استفزازهم مرة عن طريق الرسوم الكاريكاتورية ومرة عن طريق بابا الفاتيكان وبذلك يسهل للإسرائيليين أن يدعوا أننا نعاديهم لأنهم يهود وليس لأنهم محتلون وقتلة، كما يسهل لأمريكا الاستمرار فيما تسميه الحرب على الإرهاب_ إذ هى بحاجة لعماهم وتعصبهم لتتمكن من إقناع العالم أننا وحوش دينية!! ولتتمكن الإدارة الأمريكية من تدمير ما أنجزته البشرية من تراث الحوار والتعايش والتكامل بين الحضارات، إذ العودة لتلك القيم الإنسانية العالمية يقوض رؤيتها للعولمة الجديدة القائمة على أساس تحويل الشعوب إلى قطعان استهلاكية أو إبادتها إذا لزم الأمر

        من هنا   أعتقد أنه لابد من العودة الحقيقية لشعار (الدين لله والوطن للجميع)، لأنه لو استمر الحال على ما هو عليه فستكون الحرب الطائفية هى السمة الأساسية فى كثير من الدول العربية والحل يكمن فى التأكيد على مبدأ المواطنة الذى يجب أن يحتكم إليه الجميع ويكفى ما نراه فى العراق بين أبناء الدين الواحد من السنة والشيعة وعلينا أيضاً أن نتوقف عن خداع أنفسنا ونعترف أن لدينا مناهج فى مدارسنا تحض على كراهية أهل الأديان الأخرى باعتبارهم محرفين وأنا لا أعنى مطلقاً أن نتخلى عن عقائدنا إرضاءً لبعضنا البعض فليكن كل منا كما يريد ولتحتفظ كل طائفة بمشروعها الخاص وبمرجعيتها ولكن عليها حين تتقدم ببرامج سياسية أو تربوية أن تقدم مشروعها العام لا أن تعمم مشروعها الطائفى 
  وعلينا أن نعترف بالخلل الذى يؤدى إلى غياب روح التسامح وإشاعة الكراهية بين أبناء الوطن الواحد إذ لا مناص من قبول اختلاف المعتقدات الدينية والآراء السياسية على أنها طبيعة الحياة وسنة الخالق الذى لو شاء لجعلنا أمة واحدة وعلينا أن نشرع من الآن فى الكفاح المشترك ضد ثقافة الاستبداد السياسى والدينى على حد سواء ومن هنا تبرز أهمية مقرطة الحياة بكل جوانبها فى بلداننا العربية
    غير أن ذلك لا يعنى القبول بالنموذج الطائفى للديموقراطية الذى يكرس للانقسام أكثر مما يكرس للمواطنة بمعناها الحداثى ، ذلك النموذج البشع الذى ترعاه الولايات المتحدة وتباركه فى العراق ولبنان والذى تسعى لتعميمه فى مصر والسودان بدعوة حماية الأقليات. إذ أن هذا المشروع الأمريكى يهدف إلى تفكيك الأسس المادية والثقافية فى المنطقة دون الاهتمام ببناء أى بديل لأن كل البدائل لا تتناسب مع ذلك المشروع فالبديل الإسلامى المستنير يشكل خطراً على الدولة العبرية والبديل القومى قد شكل تهديداً لتدفق النفط ونهب ثروات الوطن العربى والبديل الديموقراطى الحقيقى يهدد ما يعرف بالنظم المعتدلة فى المنطقة وبالتالى لا يتفق أيضاً مع مصالحها التى تعتمد على تلك النظم
    فهل آن الأوان لكى نعى كل هذه المخاطر المحدقة بوجودنا ذاته ولكى نسعى لوأد الفتن مبتعدين عن الأساليب الأمنية والقمعية التى لا تؤدى سوى لخلق حالات احتقان جديدة وذلك بالعمل المشترك بين كل الأطياف العرقية والدينية والسياسية من أجل الاتفاق على مشروع للوطن يعى أن العلمانية لم تكن حرباً ضد الدين ولكنها كانت حلاً عبقرياً لإعلاء مبدأ المواطنة والانتماء و بديلاً لهدر الدماء والكراهية بين أبناء الأرض الواحدة
     ويبقى أن نعترف أن طاقة العنف هى مكون طبيعى فى النفس البشرية ولكن علينا أن نوجه تلك الطاقة تجاه الأعداء الحقيقيين لوطننا العربى وإلا" فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله"

ليست هناك تعليقات: