الأحد، مايو ١٧، ٢٠٢٠

"إسرائيل " تتغذى على الكراهية ولذا تفضل أن يكون الصراع دينياً!!



 "إسرائيل "  تتغذى على الكراهية ولذا تفضل أن يكون الصراع دينياً!!
                                                                         بقلم/ سمير الأمير
                                                                      
"هكذا أنتم أيضا: من خارج تظهرون للناس أبراراً
 ولكنكم من داخل مشحونون رياء وإثماً" إنجيل متى
***
ليس جديدا أن نكرر أننا لسنا ضد اليهودية كدين وليس جديداً أن نؤكد أننا ضد الحركة الصهيونية كحركة عنصرية تتسربل بالدين لتكريس الاستيطان واحتلال أراضى الغير وإضفاء مشروعية دينية على قمع الآخرين- الأغيار- وإذكاء ردود أفعال متشنجة تجعل المشهد يبدو وكأن العرب يرفضون وجود اليهود بينهم لكى لا يتعاطف أحد مع القتيل من جانب ولكى يلتمس العذر للقاتل من جانب آخر، نعم فالصهيونية تتغذى على فكرة أن العالم بأسره يكره اليهود ومن ثم يرفض الصهاينة كل أطروحات التعايش السلمى بما فيها تلك المبادرات المهينة التى يقبلها " الأغيار" أو الشعوب المجاورة وما حدث فى يوم الخامس والعشرين من شهر مايو 2008  أثناء الاحتفال بذكرى خراب الهيكل  هو دليل قاطع على صحة ما نذهب إليه فقد نقلت صحيفة هآرتس فى افتتاحية عددها الصادر بتاريخ 30 مايو2008 أن احتفالات ذكرى خراب الهيكل التي أجرتها حركة "شاس"  تضمنت إحراق كتب "العهد الجديد" وأن نائب رئيس بلدية "اور يهودا"، المحامي "عوزي أهرون" قد أشرف بنفسه على حرق الأناجيل ثم ادعى بعد ذلك بان الأمر يتعلق بفعل عفوي جراء الغضب من النشاطات التبشيرية المسيحية في بلده الأمر الذى لم يصدقه أحد لأن عملية الحرق كانت غاية فى التنظيم إذ قام بها طلا ب مدارس حضروا خصيصا تحت إشراف مدرسيهم لهذا الغرض ،ومن المعروف أن المسيحيين العرب فى دولة الكيان الصهيونى يعانون ما يعانيه بقية إخوانهم العرب من اضطهاد وتضييق فى الرزق بل وتتعرض منازلهم أحياناً للحرق من جانب المتعصبين اليهود ويرفض البعض حتى مجرد إشراكهم فى المسابقات الرياضية أو الثقافية، - ناهيك عن رفض الصهاينة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين حتى هؤلاء الراغبين فى العيش كمواطنين فى دولة إسرائيل المزعومة،  نخلص من هذا بنتيجة نعلمها جميعاً ولكن بعضنا يتجاهلها هرباً من تبعات كفاح لم يعد ضمن اختياراته ومفاد تلك النتيجة أنه من المستحيل أن يحدث سلام حقيقى دون القضاء على الطبيعة الصهيونية العنصرية للدولة اليهودية ودون دحض كل الأفكار التى تدعو إلى إضفاء طبيعة دينية على الصراع العربى الصهيونى بما فى ذلك الأفكار التى تطرحها حركات الإسلام السياسى لأنه مهما كان تعاطفنا مع الحركات الإسلامية المقاومة لإسرائيل فإن ذلك التعاطف لا يغير من حقيقة أن تلك الحركات تساهم بشكل غير مباشر فى جعل الأمر برمته يصب فى صالح مشروع الدولة اليهودية القائم أساساً على فكرة أن العالم يكره اليهود  وعلى أكذوبة إنه من المستحيل على اليهودى أن يعيش كمواطن له كافة الحقوق فى دولة ليست يهودية، إن هذا لا يعنى أننى أطالب "حماس" مثلاً بالتخلى عن مرجعيتها فهذا ليس من حق أحد ولكن عليها أن تتخلى عن خطابها الدينى الذى أصبح جزءاً من مؤامرة صراع الحضارات التى بدأت بما حدث فى 11 سبتمبر بانهيار البرجين تلك الحادثة التى شكلت المبرر الرئيسى للعربدة الأمريكية فى العالم وفى اعتقادى أننا نفقد كثيرا من دعم الشعوب حين نرتدى نفس القناع العنصرى الذى ترتديه إسرائيل ونفقد تراث التعاطف مع المقاومة وهو تراث عميق الجذور لدى الأوربيين الذين عانوا من الاحتلال النازى لبلادهم، أعنى أن هناك من يدفعنا لعنصرية مماثلة قد تشفى غليلنا مؤقتا ولكنها تجعل كفاحنا يصب فى صالح مشاريع ليست مشاريعنا،  هذا رغم أننى  أتفهم أن كثرة هزائمنا وانهيار حلم الدولة العربية الواحدة  منذ موت عبد الناصر يجعلنا نتعلق   بأى ردة فعل يبدو فى ظاهر الأمر أنها تصون كرامتنا،  ومن منا لم يفرح بهزيمة إسرائيل فى لبنان؟ ولكن ألم يكن فرحنا أكثر بتطوير حزب الله لخطابه السياسى فى صراعه مع دولة الكيان الصهيونى حيث ضم الخطاب الوطنى لحسن نصر الله مفردات  وطنية غيبها التعصب الدينى عن لغة الخطاب السياسى عند كثير من الحركات الإسلامية الأخرى،  إننا بحاجة لاستعادة تلك المفردات التى يفهمها العالم لأنها جزء من كفاح البشر بكافة أجناسهم وألوانهم وأديانهم   بقدر حاجتنا للابتعاد عن اللغة الدينية التى لم تستطع "حماس" أن تخرج من أسرها ليتسنى لها جعل نضالها نضالاً وطنياً يخص كل الشعب الفلسطينى والعربى ومن ثم يتأكد شركاء القضية والوطن أنهم لن يصبحوا فى يوم من الأيام عرضة للتنكيل تحت دعوى الإيمان والكفر، هل ندرك يوما أن العنصرية مرض معدى ينتقل إلينا من أعدائنا كرد فعل ثم يبحث له عن جذور فى تراثنا فيجد ما يغذيه ؟ وهل ندرك أن إسرائيل تتغذى على الكراهية ولذا تكره السلام فتحرق الأناجيل لأن تلك الأناجيل هى أيضاً رسالة للتسامح والسلام؟








ليست هناك تعليقات: