الأحد، مايو ١٧، ٢٠٢٠

21-5-2009أوهام الحرب والسلام



أوهام الحرب والسلام

                                                           بقلم / سمير الأمير
لم اقتنع أبدا بوجود حقيقى لمبادرة السلام المزعومة التى أطلقها أنور السادات ورحبت بها إسرائيل وعلى إثرها ذهب الرئيس المصرى ليخطب فى الكنيست مبشرا بالعهد الجديد، وكنت دائما ولم أزل مقتنعا أن العملية برمتها بدأت منذ اتفاق الكيلو 101   حيث نص الاتفاق على أن تراعى مصر وإسرائيل   بمنتهى الدقة وقف القتال وتمتنعان عن جميع الأعمال العسكرية وشبه العسكرية التى يقوم بها كل طرف ضد الآخر و فى ظنى أن البدء بتعمير مدن القناة وافتتاح قناة السويس للملاحة الدولية كانا إيذانا أيضا بانتهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل،  وأن ما فعله السادات فى العام 1978لا يتجاوز كونه سيناريو سابق التجهيز من قبل الولايات المتحدة وبمشاركة بعض الأطراف الإقليمية ولاسيما الملك الحسن الثانى، وفى تقديرى أن حالة الحرب بين مصر وإسرائيل لم تكن الدافع الحقيقى الذى دعى الولايات المتحدة للتعجيل بفرض مشاريع التسوية على المنطقة لكونى مقتنعا أن المعنى الحقيقى للتسوية فى المفهوم الإمبراطورى هو خضوع الأطراف التام للمركز ومصر كانت دائما أهم دولة فى كل المشاريع الإمبراطورية السابقة لدرجة أنه يندر أن تجد على مر التاريخ إمبراطورية سيطرت على العالم دون السيطرة   على مصر ومن ثم كنت ومازلت مقتنعا أيضا أن خطورة المشروع السلمى الأمريكى لا تكمن فى بنود معاهدات السلام المثيرة للشفقة، فموازين القوى فى لحظة معينة قد تملى على أطراف الصراع ما يتمنون أن يكونوا قادرين على رفضه،  ولكن أخطر ما فى تك المشاريع هو فرض التبعية على مجمل سياسات الوطن التى لا تعنى سوى تبنى توجهات تضر بمصالح الشعب الاقتصادية ودفعه للتخلى طواعية عن حلم الاستقلال، الذى يصبح غير ممكنا من الناحية العملية بعد ربط الاقتصاد الوطنى باقتصاد الإمبراطورية الجديدة وما يتبعه من صعود سياسى لجماعات المصالح ومن ثم يصبح القبول بالدور الذى تفرضه المصالح الأمريكية هو الأمر الوحيد الممكن فى ظل استبعاد خيارات الاستقلال والمقاومة، ويكون علينا أن ندمر بأنفسنا كل ملفات الذاكرة المريرة لسنوات الاستعمار لكى نتمكن من الانخراط دون حساسية فى النظام العالمى الجديد، بل ربما نضبب على أنفسنا لدرجة تجعلنا نتبنى بمنتهى الحماس سياسات خارجية تتماهى مع سياسات من يسعون إلى اختصار دور مصر الحضارى العظيم،   وليس هذا غريباً، ألم تستطع مصر فى لحظة ما أن تقود وتلهم كل حركات التحرر فى العالم وأن تجبر الاستعمار على الرحيل ؟

ليست هناك تعليقات: