الاثنين، مايو ٢٥، ٢٠٢٠

2-3-2009أيمن نور.. قضية غير واضحة



أيمن نور.. قضية غير واضحة

                                                                 بقلم/ سمير الأمير

 ربما علينا أن نعترف أن انتهاء أزمة " أيمن نور" بتلك الطريقة يشى بأزمة أكثر عمقا تعانى منها الحكومة والمعارضة على حد سواء، فبعد أن تم رفض الإفراج الصحى عنه لعدة مرات و وأصر النظام فى مصر على رفض الاعتراف بالطبيعة السياسية للقضية والإبقاء عليها فى إطار تكييفها الجنائى،  بل واتخذها وسيلة للإيحاء بقدرته على مقاومة ضغوط البرلمان الأوربى والولايات المتحدة الأمريكية مدعيا- بحق أو بغير حق -تمسكه بشعار استقلال القضاء فى مصر، بعد كل ذلك يقرر النائب العام الإفراج عن زعيم الغد فى خطوة لم تكن متوقعة، و يكمن سبب الشعور بالمفاجأة فى حالة العناد التى صاحبت الأزمة منذ بدايتها،  و رغم اعترافى بفرحتى الشديدة بهذا القرار كمواطن مصرىً وأيضا لكونى عرفت أيمن نور فى المدرسة وفى الجامعة فى سنوات تكون وعيه السياسى،  وأشهد أنه كان دائما الفتى المهذب القادر على كسب احترام زملائه الطلاب المنتمين لمدارس سياسية مختلفة، وأشهد أيضا على تمتعه منذ البداية بقدرات خاصة على تجميع الطلاب وقيادتهم، ولكنى أعترف أننى كنت أرى أنه أقرب للنظام السياسى الحاكم منه إلى قوى المعارضة، ومن ثم كان سجنه أيضاً مفاجأة لى شخصياً بل ربما أصابنى بما يشبه الحيرة والعجز عن الفهم، فقد كانت واقعة التزوير سابقة على ترشحه للرئاسة وكان يمكن استخدامها لمنعه من هذا الترشيح! ومن هنا كانت قناعتى تزداد بأنه لا يشكل خطرا حقيقيا أمام النظام، ثم جاءت الانتخابات الرئاسية بمرشحيها الذين كانوا يفتقرون إلى أى وزن جماهيرى باستثناء " أيمن نور " إذ اتسم ترشحه بنوع من الجدية التى لولاها- فى تقديرى- لشكلت تلك الانتخابات معضلة سياسة للنظام، وعلى الرغم من كثرة التجاوزات التى شابت عملية التصويت إلا أن حصول الدكتور أيمن نور على نصف مليون صوت حقيقي أضفى على العملية بعضا من المصداقية، وهنا أيضا وطبقا للمنطق الطبيعى للأشياء تصبح إثارة موضوع التوكيلات مسألة بعيدة جدا، بل أن بعضنا ذهب فى تحليله إلى أن سجن أيمن نور قد يعنى الاعتراف بأن تلك الانتخابات كانت غير شرعية لكونه يثبت أن أحد مرشحيها لم يكن يحق له حق الترشيح!، الأمر الذى أكد لنا حينها أن قضية التوكيلات لن تطفو على السطح مرة أخرى، إذ كيف يشكك النظام فى صحة العملية الانتخابية التى فاز بها مرشحه؟ الوجه الثانى للأزمة فى تقديرى يخص المعارضة المصرية التى   أثار تجاهلها لقضية "أيمن نور" الكثير من علامات الاستفهام فباستثناء أصوات فردية متناثرة فى الصحف المستقلة لم نسمع عن مواقف واضحة للأحزاب المصرية ولجرائدها من قضية سجن رئيس حزب معارض" زميل"،  وإن سلمنا بأن الأحزاب كانت ترى هى أيضاً أن القضية جنائية ومن ثم رأت أنه لا يحق لها الخوض فيها احتراما لاستقلال القضاء، فكيف نقبل صمت تلك الأحزاب تجاه مسألة " التعنت فى الإفراج الصحى" وهو موقف سياسى بامتياز؟، هل كانت الجماهيرية النسبية التى يتمتع بها الدكتور أيمن لدى الشباب مقلقة لرؤساء تلك الأحزاب ومن ثم حدث نوع من الاتفاق والتوافق غير المعلن مع الحزب الوطنى على أنه ليس من مصلحة أحد إثارة قضية الإفراج الصحى عن أيمن  ؟ هل وجد الجميع فى حرمانه من ممارسة العمل السياسى مصلحة مشتركة؟ بمعنى أن قيادات المعارضة كانت تجد فى تحرك أيمن وصعوده السريع والكاريزمة السياسية التى يتمتع بها خطراً على حضورها الجماهيرى، أو إن شئنا الدقة سبباً فى انصراف الناس عنها؟ أم أنها كانت  أيضا تجد فى تدخل الأوربيين والأمريكان فى القضية ما يثبت أن " أيمن " ما هو إلا أداة للضغط على مصر وللتدخل فى سيادتها الوطنية؟ ألم يدر بخلد هؤلاء وأولئك أنهم قد ساهموا فى زيادة أسهمه  لدى الجماهير من حيث لا يقصدون؟ أم تراهم يقصدون؟هناك أسئلة كثيرة بلا إجابات محددة ولكن الشىء الوحيد الذى يمكن أن نحدده هو أن الحياة فى تلك البقعة الممتدة من الخليج العربى إلى المحيط غير العربى مسألة بالغة الغموض وليس من السهل، بل ليس من "المصلحة" أن يحاول أحد أن يفهمها! وعلينا إذن أن نتوقف عن عقلنة كل شىء يحدث أمامنا وأن نقتنع بالكلمة التى قالها الدكتور أيمن بعد خروجه فى معرض رده على سؤال " هل تؤمن أن فى مصر قضاء؟" فقد كانت إجابته " نعم فى مصر قضاء... وقدر"  وهى إجابة واضحة وميزتها أنها تراعى ظروفنا الصحية وتعفينا من الفهم!
  

ليست هناك تعليقات: