الاثنين، مايو ٢٥، ٢٠٢٠

2-8-2008 الغرق هناك... الغرق هنا



 الغرق هناك... الغرق هنا
                                                بقلم/ سمير الأمير
 فى اعتقادى أن  حال شبابنا الباحثين عن العمل فى كل بقاع الأرض لن يتغير حتى يعرفوا أن عليهم أن يكافحوا بشتى الوسائل للحصول على حقوقهم فى وطن كريم، هل ينتظر الشباب أن تهبط عليهم فرص العمل من السماء؟- يقول الروائى اليونانى كزانتزاكى" الحرية ليست كعكة تهبط من السماء إلى أفواه الجائعين" ففى أعتى النظم الرأسمالية يدور صراع يومى من أجل الحصول على العمل وعلى الأجر المناسب ونتيجة هذا الصراع يحصل العمال وباقى فئات المجتمع على حقوقهم  التى ربما تضيع مرة أخرى لأن الطبقات المسيطرة تحاول هى الأخرى وبشتى الطرق أن تعاود الحصول على الأرباح عبر المزيد من الاستغلال ولكن الاضرابات والمظاهرات لا تتوقف، المشكلة أننا نريد الحرية والعمل والسكن دون أن نكافح من أجل انتزاعها لقد عودتنا ثورة يوليو وأخواتها العربيات على أن هناك من سينوبون عنا فى التغيير وبالتالى تعودنا على المنح ومن من منا لايذكر صيحة العمال الشهيرة فى عيد العمال إذ كانوا يستعطوفون الرئيس  وكلهم رجاء صائحين" المنحة يا ريس" تلك العلاقة الأبوية التى كان لابد لها أن تنتهى، وعلينا أن لا ننسى أن النظم السياسية تمثل مجموعة مصالح لطبقات معينة وأنها معنية فقط بالدفاع عن تلك المصالح فى مواجهة مصالح الطبقات الأخرى، ولا سبيل إذن  إلى استعطاف الطبقات بعضها البعض فتاريخ البشرية هو تاريخ صراع وما النظم السياسية والاقتصادية إلا تعبير عن هذا الصراع  وأن حاولت الإدعاء أنها تمثل الجماهير بكل طبقاتها، فليست الصراحة والوضوح من ركائز العمل السياسى حتى فى أكبر ديموقراطيات الدنيا ولا يصح أبداً أن تخدعنا شعارات " حرية الصحافة" والحريات السياسية لأنها مسائل نسبية وليست مستقلة عن صراع المصالح فى المجتمعات وأنا هنا لا أقلل من أهمية تلك الشعارات فقد استطاعت الشعوب المتقدمة أن تجعل منها واقعاً حقيقياً وصلباً يصعب على النظم السياسة تجاوزه   ولكن الأمر يختلف بالطبع حين نتحدث عن دول العالم الثالث ولا سيما الدول العربية إذ تزيف النظم السياسية حركة الصراع فى المجتمع عبر وسائل ملتوية وشيطانية فمثلاً تشكل النظم أحزاباً تعارضها فى الظاهر لتساعدها فى الأزمات المفصلية على الالتفاف على نضال الجماهير بل يصل الأمر أن تصنع شخصيات عامة تبدو مستقلة ولكنها تخفى ولاء مدفوع الثمن للوضع القائم فى بلدانها   وربما تستخدم النظم تلك الشخصيات ذات المكياج القومى أو الدينى أو الاشتراكى  لإيصال رسائل غير مباشرة للقوى الكبرى لكى تظل تحصل على دعمها،

على الشباب العربى إذن أن يعى مصالحه وأن يسلح نفسه بالوعى ويدرك أن الوصول إلى إسرائيل أو الغرق قبل الوصول إلى إيطاليا لا يشكل أى ضغط على نظم قررت أن تتخلص ممن تعتبره عمالة زائدة فى المصانع وممن تعتبرهم زيادة مزعجة فى السكان فحكومات البيزنيس تلك لا يهمها سوى ما يعرف بالتشغيل الاقتصادى لوحدات الانتاج والتشغيل الاقتصادى لا يعنى سوى تقليل تكلفة إنتاج السلع وتحقيق ربح يشجع الاستثمار ويخطأ من يظن أن تلك الحكومات التى تتبنى ما يعرف زيفاً بالإصلاح الاقتصادى
معنية بحل مشاكل البطالة والصحة والتعليم، لأن حل تلك المشكلات يقوض فى رأيها الذى لا تعلنه آفاق الاستثمار، فقضية التعليم الحكومى مثلاً ربما يبدو ظاهريا أنها تحظى باهتمام ورعاية خاصة ولكن الأمر ليس فى جوهره كذلك ، إذ أن الاستثمار فى مجال التعليم الخاص للقادرين لم يكن ليلقى كل هذا الربح والانتشار لو كانت مدارسنا تقدم خدمة تعليمية متميزه ولو كانت القيادات تسعى للتأكيد على مبدأ تكافؤ الفرص، وكذلك فى قطاع الخدمات الطبية لم يكن لكل تلك المراكز الطبية الخاصة أن تحقق كل تلك الأرباح فى وجود مستشفيات تقدم خدمة حقيقية للمواطنين وكذا قطاع المواصلات وغير ذلك مما لا يتسع المجال لذكره، 
   والخلاصة أن هناك تعمد لتخريب المؤسسات العامة ، بما فيها المؤسسات الخدمية حيث لا تؤمن الرأسماليات العربية الشائهة بقطاع الخدمات لأنها تعتقد أن كل شىء "سلعة" لابد أن تحقق ربحا
 وعلى شبابنا الذين يهربون من مواجهة ومجابهة هذا الواقع أن يجربوا الكفاح فى داخل أوطانهم من أجل أن يحصلوا على حق العمل والتعليم والسكن والعلاج  وفى اعتقادى أن الأمر يحتاج إلى محاولة النجاة فى داخل الوطن أو الغرق فى داخل الوطن بدلاً من الغرق فى المياه الدولية أو الغرق فى مجتمعات تعتبرنا مواطنين درجة ثانية.

ليست هناك تعليقات: