عودة "سامى الحاج"...هل نعى درس
الحرية؟
بقلم/ سمير الأمير
هل كان لابد أن يكون سامى الحاج يساريا مثلى لأكتب عنه قصيدة
وأعلق صورته فى بيتى؟
فى تقديرى أن مأساة سامى الحاج كانت كاشفة لمدى النفاق الذى يجعل
من نضال المثقفين العرب من أجل الحرية ضرباً من القفز فى الهواء، أعنى أن عدم
انتصار قضية الحرية فى عالمنا العربى لا يرجع فقط إلى تسلط الحكومات وسيادة ثقافة
القهر المغلف باسم الوطن مرة وباسم الدين والأخلاق مرات عديدة ولكنه يكمن أيضاً فى
حالة العمى الإرادى التى تجعل اليساري لا يأبه كثيرا لتقييد حرية الإسلامى وتجعل
الإسلامى يرى فى قهر اليساريين ضرورة من ضرورات تحقيق أهداف حركة الإسلام السياسى
فى الشارع العربى وضمانا لأن تظل عقول الجماهير- أو( العوام) كما يحلو لهم أن
يسمونها – تحت السيطرة،
ولعل العاديين من خلق
الله كانوا أكثر ثقافة وإنسانية تجاه تلك القضية منا نحن معشر الكتاب والمثقفين
الذين نصر على أن الحرية حرية فكرنا نحن وأحزابنا نحن دون إدراك حقيقة أن الحرية
لا تتجزأ وأن الإصرار والنضال من أجل حرية خصومنا فى الفكر يشكلان ضمانا لحريتنا
التى ربما نفقدها حين يحل علينا الدور تبعا للجدول الزمنى الذى هو بالتأكيد بعيداً
عن نطاق سيطرتنا، لقد كنت ألاحظ بحزن وخوف اختفاء قضية سامى الحاج فى تغطيات وسائل
الإعلام القومية وكنت أحياناً أجد لها مبرراً معتبراً أن الحكومات تخشى أن تصبح فى
مرمى نيران الحرب على الإرهاب إن هى تبنت قضية سامى الحاج ولكن الشىء الذى سأظل
أبحث له عن أى معنى هو غياب صحف المعارضة القومية واليسارية عن قضية تمثل انتهاكا
لحرية الصحافة وللسيادة ولكرامة الإنسان كقضية سامى الحاج الذى كان ينبغى أن يمنح
جائزة فى التفانى والشجاعة لاختراقه الجبال الوعرة فى أفغانستان وممارسة عمله
ببراعة ومهنية دون النظر إلى المخاطر التى كان أقلها ما تعرض له من اعتقال انتهى
به فى جوانتنموا و استمر لست سنوات كاملة، لقد أصبح سامى الحاج طليقا مرة أخرى
وحصل على حريته بعد معاناة التعذيب والمرض، عاد سامى الحاج جسداً ضامراً منهكاً
ليشهد على حضارة وديموقراطية الولايات المتحدة التى ألقت لنا بأحد أبناءنا بعد أن
أشبعته تنكيلاً وتعذيباً ليصبح عبرة للساعين إلى كشف حقائق إمبراطورية الشر
الجديدة، عاد ليشهد على نفاق النخب العربية التى أضحت مكشوفة أمام الجماهير
العربية، لقد كانت حركة التضامن الجماهيرى مع قضيته ترتكز على حس شعبى تجاوز ضيق
الأفق الذى يشل حركة النخب وأدركت الشعوب اليتيمة فى منطقتنا أنها تجاوزت بوعيها
الفطرى هؤلاء الذين يتحركون فقط فى الأطر المحدودة للأيدلوجيات ، ورحم الله اليسارى
النبيل محامى الشعب "نبيل الهلالى"
الذى قال رداً على انتقاد بعض ضيقى الأفق له بسبب دفاعه عن متهمين ينتمون لتيارات
معادية لليسار"" إن المعيار الأوحد الذى يحدد من هو الإنسان هو إنسانيته
وليس دينه ولا لونه السياسى" حقا لقد كان الهلالى نموذجا للمناضل الإنسان الذى يدافع عن الإنسانية
بلا استثناء، وهذا هو الدرس الذى ينبغى
على النخب من كافة الاتجاهات أن تعيه قبل أن تفقد ما تبقى من احترام الجماهير ومن
ثم تزداد عزلة فوق عزلتها الحالية،
إننى أعتقد أنه قد
آن الأوان لكى نرفض كل تلك الحجج الفارغة للإدارة الأمريكية التى تعتبر كل كفاح
الشعوب من أجل نيل حريتها و كل جهد صحفى أو إعلامى يستهدف فضح ممارستها البشعة فى العالم،
تعتبره إرهاباً ومن ثم تمارس ابتزازها للحكومات التى تسميها معتدلة من أجل الضغط
على حركات المقاومة فى المنطقة وعلينا وعلى الأمريكيين أنفسهم أن يتذكروا معنا
مقولة " تشافى" الفقيه القانونى الأمريكى " لم تخترع حتى الآن
بندقية تقتل الذئب المتنكر فى ثوب حمل ولا تقتل الحمل نفسه" وليكن الإفراج عن
سامى مناسبة لكى نتذكر الشهيد طارق أيوب الذى استشهد وهو يغطى جريمة الاحتلال
الأمريكى للعراق. ونتذكر راشيل كورى الناشطة الأمريكية التى سحقتها الجرافة الإسرائيلية
وهى تقاوم سياسة هدم البيوت فى فلسطين المحتلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق