الاثنين، مايو ٢٥، ٢٠٢٠

23-6-2008تراجع القراءة




لكل قارىء قراءة
                                                                          بقلم/ سمير الأمير
 ربما يلتبس الأمر علينا حين نتحدث عن القراءة كمصدر من مصادر المعرفة لأنها بالأحرى إحدى وسائلها فالمياه لها مصادر ليس من بينها" الحبل الذى يتدلى فى البئر، من هنا يبدو لى أن القراءة هى أقرب لأن تكون وسيلة من بين وسائل أخرى كثيرة للحصول على المعرفة
 وقد حدد ابن حزم(ت.454هجرية) مصادر المعرفة بأنها " بديهيات الحس، وبديهيات العقل، وبديهيات اللغة. وهي المصادر التي يمكن أن يتوصل بها إلى الحقيقة الدينية الموجودة في القرآن والسنة والإجماع. وكل ما عداها فهو باطل، وعلى ذلك فإن ابن حزم يقرر   أنه "لا طريق إلى العلم أصلاً إلا من وجهين: أحدهما ما أوجبته بديهة العقل وأوائل الحس، والثاني مقدمات راجعة إلى بديهة العقل والحس ".
وتجتمع هذه البديهيات الثلاث معاً لتشكل مصادر المعرفة الأساسية عند ابن حزم إذ لا يمكن أن نفصل بينها لأنها لا توجد في الواقع إلا متصلة متبادلة الأثر والتأثير".(1)
من هنا نخلص أن ابن حزم لم يتحدث عن القراءة كمصدر للمعرفة ولكنه تحدث عن بديهيات اللغة وهى فى تقديرى شىء مختلف لأن القراءة فعل القارىء وبالتالى فهى تتنوع بتنوعه وباختلاف الغرض منها فقد يقرأ اثنان من مصدر واحد للحصول على شيئين مختلفين تماما ولكن المثير للقلق تلك النبرة اليقينية فى كلام ابن حزم ودمغ ما خرج عن تحديده لمصادر المعرفة بأنه " باطل" ويرى الدكتور محمود إسماعيل أن ابن حزم هو واحد من قلائل "أصلوا للقراءة العلمية وأطروها نظريا وعمقوها بالتطبيق"
ولعل الدكتور محمود إسماعيل أيضا يفسر لنا ما ذهب إليه حين أورد فى بحثه عبارة:-" فذلك يعنى بداهة ألا معرفة بدون قراءة" لكون تلك العبارة قد استعصت على فهمى كونى رأيت فى مجتمعنا الريفى أناساً لا يقرأ ون ولكن لديهم من المعارف ما لم يحط به أصحاب الشهادات العلمية الرفيعة وربما يقصد الأستاذ الدكتور محمود إسماعيل بالمعرفة فى عبارته السابقة( المعرفة النظرية)، "(2) ويحضرنى هنا ما أورده الدكتور على حرب فى كتابه" هكذا أقرأ ما بعد التفكيك" من"أن القراءة، مع التطورات المتسارعة في عصرنا، لم تعد تكتفي بالكتب والنصوص، بل تعدَّتْها إلى المجريات والأحداث والتطورات("3)
 و النصوص إذن ينبغى ألا تؤخذ كمسلمات لأن بعضها كتب للتجهيل وليس للمعرفة وتأسيسا على ذلك تصبح مهمة القراءة " إما تفسير النص وتعليل وجوده أو نفيه من الأساس أو ربما تحصل منه على حقائق كان كاتبه يمعن فى إخفائها لأنه من السذاجة بمكان أن يعتبر باحث اجتماعى مثلاً أن أغنية" محلاها عيشة الفلاح" كانت دليلاً على ازدهار حياة الفلاحين فى مصر قبل الثورة، أو أن يعتبر المواطن أن خطب الساسة المنشورة فى الصحف هى دليل على ما ترغب فى أن تدل عليه، لقد ذهبنا بعيدا فى طريق تقديس الكلمة المكتوبة حتى أضحت النصوص أسوارا عالية تحول بيننا وبين الإدراك الحقيقى للواقع الذى نعيشه وبالتالى حدثت العزلة بين الكتاب والناس وكان وعى البشر العاديين الفطرى اقدر على إدراك الفخ الذى نصبته الكتابة لقراء يقرأون الكتب ولا يقرأون الحياة فأصبحنا نسمع عبارات العامة التى تنم عن الوعى الفطرى واكتناز خبرة المشاهدات والتأمل من جانب كما تدل على الانفصال بين مثقفى المجتمع وعماله وفلاحيه من جانب آخر ومثال ذلك ما يقوله لك جارك الفلاح حين تخبره أن قرارات قد صدرت فى صالحه فيرد عليك قائلاً" يا عم ده كلام جرايد" أو حين يجادله المشرف الزراعى فى الحقل فيتندر عليه قائلاً" يا عم العلم فى الراس مش فى الكراس" ومع اعتقادى بأن ذلك الموقف الشعبى من الصحف والإعلام قد حافظ نسبيا على بقية من السمات الأصيلة للشخصية المصرية وحماها من تسلط الوعى الزائف والمقولات التى يصدرها الأعداء ومن يبشرون بالعولمة وبقيم النظام الجديد، إلا أنه ساهم فى توسيع الهوة بين الدولة والمواطنين وعمق الشعور المتبادل بعدم ثقة الناس فى أجهزة ومؤسسات الدولة وعدم ثقة تلك الأجهزة فى الناس من جانب آخر وبالتالى تعمقت المشكلات الاجتماعية وفتح الطريق لبعض القوى السياسية التى تبنت شعارات دينية لتحل محل الدولة فى تعبئة الجماهير وتشكيل وعيها فى اتجاه قضايا بعينها


الهروب للإنترنت
 هناك شواهد كثيرة على تلك الريبة التى أصبحت تكتنف العلاقة بين الجمهور العادى والكتب والكتًاب، على أننا يجب أن نتروى قليلاً قبل أن نقرر إن كانت القراءة فى طريقها للانحسار كما قد يبدو على السطح فالقراءة تزداد انتشاراً وتضم إلي ممارسيها فئات جديدة كل يوم   ولاسيما بعد انتشار ظاهرة استخدام شبكة الانترنت فى المدارس والأندية والمصانع والبنوك والشركات الخاصة، فهل يمكن أن نقول أن ما انحسر هو شكل القراءة التقليدية فقط؟ هل يتعلق الأمر بتدنى عدد قراء الكتب الورقية فى مقابل ما أصبح معروفاً بالقراءة الالكترونية؟ يبدو لى أن الأمر كذلك ولذا نلاحظ هذا الزخم الهائل والمتنوع للمواقع والمنتديات الأدبية والعلمية التى ابتكرت أساليب غير تقليدية للتواصل بين الناس من شتى بقاع الأرض وساهمت إلى حد كبير فى كسر طوق العزلة التى فرضها الواقع السياسى والاجتماعى على بعض الكتاب والمفكرين، بل وشكلت بعض المواقع قلقا للنظم السياسية إذ استخدمها الجيل الجديد من الطلاب والشباب فى الدعوة إلى الاعتصامات والاضرابات فى بعض البلاد العربية كموقع""facebookبل ساهمت شبكة الانترنت فى نشر الكثير من الكتب الممنوعة التى كان يصعب على الجمهور الحصول عليها كونها مصادرة من قبل السلطات، أعنى ما لم يكن متاحاً من النصوص أصبح متاحاً فما هى المشكلات التى تعترض سبيل القراءة الالكترونية إذن؟
فى اعتقادى أن أخطر ما فى الأمر هو أن القارىء لا يستطيع أن يقضى ساعات أمام شاشة الكمبيوتر لقراءة الأعمال الروائية مثلاً دون أن يؤثر ذلك على بصره وعموده الفقرى وبالتالى ربما يصلح النشر الاكترونى للقصائد أو للأخبار والمقالات السياسية القصيرة، هنا لا يمكن للحاسوب أن يعوض عن تلك الحميمية التى تشكل علاقتنا بالكتاب الورقى الذى يمكن حمله معنا أينما ذهبنا، الأمر الآخر أن هناك فوضى فى النشر الاكترونى تجعل عملية تقييم الأعمال بالغة الصعوبة وهنا لا أحب أن أبدو انتقائياً لأن التدوين من حق كل الناس باختلاف مواهبهم وقدراتهم ولكن حينما نتحدث عن المعايير الفنية يصبح الأمر مختلفاً لأننا نكتشف كماً من الترهات لا حدود لها وكماً من التعليقات التى تعبر إما عن الجهل بتلك المعايير أو عن المجاملة، والخطورة هنا أن ذلك ينظر إليه من قبل المستخدمين الجدد للمواقع الأدبية على أنه نموذج وبالتالى يتم إفساد أجيال بأكملها من الموهوبين ناهيك عن إفساد ذائقة القراء أنفسهم
إشكالية التعليم وقراءة الأدب
 من المؤكد أن النمط الاستهلاكى الجديد للحياة فرض على الجمهور قراءة استهلاكية أيضاً و بالتالى لم تحظ المواقع التى تنشر الأعمال الأدبية والفكرية الجادة بنفس اهتمام المواطن الذى يبحث عن تسلية خفيفة تريحه من جهامة يومه قبل أن يأوى إلى فراشه، ولكن لم يصر المواطن الأوربى على القراءة الأدبية وعلى كتابة مذكراته اليومية رغم أنه ربما يعمل لساعات أكثر من المواطن العربى؟ أعتقد أن الأمر هنا مرجعه للنظام التعليمى فالنصوص الأدبية التى يدرسها الطلاب فى مراحل التعليم فى انجلترا مثلاً تجعل من الصعب على أى منهم أن يتخلى عن متعة القراءة حتى الرمق الأخير فما الذى يحدث هنا ؟،  أعتقد أن هناك ثمة انفصال بين نظامنا التعليمى وإبداعات كتابنا المرموقين بالإضافة إلى أن النصوص المقررة على المرحلة الابتدائية والتى من شأنها غرس جذور التعلق بالأدب فى وجدان الطفل هى نصوص غاية فى السوء كتبها موجهون لا علاقة لهم بالشعر، وقد كنت أشعر بعذاب ابنى وهو يقرأ رواية " الصقر الجرىء" المقررة عليه فى المرحلة الإعدادية التى كانت بالغة القبح حتى على مستوى صياغة الجمل وقد تنبه بعض المبدعين الذين وجدوا أنفسهم متهمين من قبل أولادهم إلى ذلك الأمر فكتب بعضهم مقالات فى الصحف واستغاثات للمسؤلين عن المناهج حتى تم تغيرها ولكن بقيت طرق تدريس الأدب فى المدارس متخلفة جدا  ولا تسعى لتكوين ذائقة ترتقى بوجدان التلاميذ و تحولت الروايات والنصوص إلى تهم يواجهها الطالب عبر أسئلة من نوع " متى فعل فلان كذا؟ وما الذى جعله ينظر للسماء؟ وكم مرة قابل فلان فلاناً؟ وقد أزعجنى أن أحد تلميذاتى وهى ابنة طبيب مثقف تكره" طه حسين" لأن مدرسى اللغة العربية قالوا لها أنه كان علمانياً وضعيف الإيمان هذا بالإضافة إلى صعوبة الأسئلة التى تحول التلميذ إلى شاهد نفى وشاهد إثبات حسب مزاج واضعى الامتحانات،

تسطيح عقول أبنائنا فى المرحلة الثانوية وتدمير ذائقتهم " رواية القناع الذهبى نموذجا " (4)                  

 لا أعلم من هو ذلك الذى قرر رواية" القناع الذهبى" التى لا تستحق حتى أن تسمى رواية على طلاب الصف الثالث الثانوى إذ أنها تموج بكل نواحى الضعف الفنى من حيث الشخصيات التى لا يمكن للطالب التورط معها ولا تحمل أية أبعاد تساهم فى تشكيل وعيه ووجدانه أو تجعله قادرا على فهم الجوانب المختلفة للحياة وهو فى تلك المرحلة العمرية التى تتطلب قدراً من المعارف والمواقف الاجتماعية والعاطفية تسهم فى تكوين شخصيته لكى يتمكن من التفاعل مع الحياة المعقدة التى يعيشها الآن والتى ستزداد   تعقيداً بعد أن يتخرج، تحكى تلك الرواية الساذجة عن باحثة آثار مصرية درست فى إيطاليا ومازلت تخشى ركوب الطائرة حين يدعوها صديق والدها وملهمها الذى درست الآثار اقتفاء لخطاه_ للحاق به فى" بيرو" لأنه لا يجد هناك من يستطيع أن يوكل إليه قيادة الفريق سوى" ليلى" التى تذهب لتتحول إلى ما يشبه الشخصية التى كنا نتهكم بها على مخرجين السينما الأونطة عندما يستهبلون علينا- فنقول أن البطل قريب المخرج، فليلى عندما ترفع حقيبة أدواتها تعثر على تمثال وعندما ييأس الدكتور حافظ ويصبح برنامجه بالكامل عرضة لانتقاد هيئة اليونسكو ووقف التمويل تعثر ليلى على القناع الذهبى فتحقد عليها ابنة بيرو "إميليا" وتدس لها تمثالاً فى دولاب ملابسها لكنها تسامحها وتذهب معها إلى مدينة أوكمايو لتطارد " مارتن لاندر" لص الآثار" الذى سرق أموال "والد إمليا"
وبالصدفة أيضاً وبما أن ليلى "قريبة المخرج" تعثر ليلى على موقع أثرى جديد وأحداث كثيرة أهمها إن ليلى تشترك مع الدكتور حافظ فى المطاردة الأخيرة
" لمارتن لاندر" لكنها هى التى تحسم الموقف فتنتهز فرصة خروج "لاندر" من سيارته ليهرب بطائرة صغيرة فتقود هى السيارة بأقصى سرعة وتصدم الطائرة وبعد ذلك يصل البوليس _ _
      لا داعى أبداً أن أصدمكم بالقول أن هذه (الحدوتة ) حلت محل الرواية العظيمة " أوقات عصيبة Hard Times للكاتب العظيم تـشارلز ديكنز التى كانت تحتوى- ناهيك عن مستواها الفنى كعمل ابداعى فذ- على خبرات فى التربية والعاطفة والتاريخ والفقر والثروة والثورة ونضال البشر وقيمة الفن وجدوى الحياة ولكن يبدو أن مهندسى المناهج فى الوزارة لديهم سياسة أخرى فحواها التسلية المفلفلة التى تتجنب تربية الأجيال بما أن الأعمال الأدبية العظيمة تحتوى على أفكار قد تكون لها عواقب وخيمة لا تتناسب مع هذه المرحلة من تاريخنا التى أصبحت فيها الأفكار التى تحمل مضموناً تربوياً حقيقياً من مخلفات الحرب الباردة.


أسباب تراجع قراءة الأعمال الأدبية
عرفنا كيف يتم تقديم النصوص فى مدارسنا وكيف تساهم تلك النصوص الضعيفة فى توسيع الهوة بين المتعلم وبين الأدب الجاد والحقيقي بالإضافة إلى إفساد ذائقته لأنها تربى داخله قناعة أن الأدب ينبغى أن يكون مثيرا ومسلياً_ رغم أن التسلية تنقلب إلى تهمة عندما نتحدث عن نمط الأسئلة-، وهنا يحدث أمران، الأول هو أن بعض الطلاب النابهين ينظرون باحتقار إلى تلك النماذج السيئة ويتعاملون معها على أنها مادة دراسية ينبغى دراستها فقط للحصول على مجموع آخر العام والأمر الثانى أن طلاباً آخرين ممن لديهم الموهبة والرغبة فى أن يكونوا مبدعين يرون فى تلك الأعمال نماذجا يمكن محاكاتها لكى يكونوا كتاباً مرموقين وكلا الأمرين يشكل عقبة فى الطريق للتواصل بين الأدباء والمبدعين الحقيقيين وبين الجمهور المفترض من الطلاب فى المدارس والجامعات،
من ناحية أخرى يتقاعس الإعلام الرسمى والمستقل عن تسويق الأعمال الأدبية الجادة وعن التعريف بالكتاب والشعراء فى مقابل دعمه غير المحدود لكتاب الدراما التلفزيونية والأغانى وربما تتناول الأعمال الدرامية الشعراء بطريقة ساخرة فتقدمهم ككائنات مشوهة ومرضى نفسيين مما يساهم بدوره ف عزلة الأديب وابتعاد الناس عنه واعتباره شخصاً منفراً غير متوافق مع المجتمع
ولكن يبقى أن السبب الأخطر لتراجع القراءة الأدبية  يكمن  فى المشاكل الاقتصادية الطاحنة التى لا تترك وقتاً لا للآباء ولا للأمهات لكى يقرأو دواوين الشعر والروايات، لأن معظمنا ولا سيما الموظفين من الطبقة الوسطى فشل فى الحصول على عمل واحد يمكنه من مواجهة أعباء المسكن والملبس والعلاج وبالتالى تراجعت المساحة التى كان يمكن أن يمارس فيها الناس قراءة الأعمال الأدبية ولم يعد لدى محدودى الدخل وقت لتأمل حياتهم وأصبحنا نسمع عبارات مثل " ياعم هوه احنا ناقصين شوفلنا حاجة تضحكنا"
هذا طبعا بالإضافة إلى انتشار الثقافة الوهابية القادمة مع العائدين من المصريين العاملين بدول الخليج، تلك الثقافة التى تجعل من الحياة تهمة ومن التأمل جريمة والتى أدت إلى اعتداء سماك بمطواة على الأديب الكبير نجيب محفوظ لأن المتأسلمين أفهموه أن الرجل ملحد وأن رواياته هى وسيلته لبث الدعوى إلى العلمانية وبانتشار البث الفضائى وصعود نجم الدعاة الجدد وازدياد الإحساس بالذنب لدى قطاعات كبيرة من المصريين تم استلاب الوجدان لصالح ثقافة الموت وفقه الحيض والنفاس وأصبح الناس عاجزين عن أى مبادرة وتركوا القراءة التى كانت تنطوى على اختيار شخصى إلى قراءة أخرى فى كتب تتحدث عن عذاب القبر والشجاع الأقرع وزواج المتعة والمسيار،  ورغم أن الدولة ألغت  الرقابة على الكتب إلا أن هناك رقابة أكثر صرامة تستفيد من حقائق الواقع المرير الذى يتمثل فى الأتى:--
1- ليس لدى الشرائح الفقيرة من الناس وقتاً للقراءة لأن الحياة تدفعهم للبحث عن أعمال إضافية أو للوقوف ساعات فى طوابير الخبز المدعم
2- من يمتلك الوقت هم فقط من عادوا بثروات من الخليج ومعظم هؤلاء خرجوا من الثقافة المصرية إلى ثقافة البدو التى تعتبر طه حسين ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وأحمد بهاء الدين وكل رموز ثقافتنا أعداء للدين كما يفسرونه شيوخ الفضائيات والسيد يهاتCDs
3-الشرائح العليا والأغنياء الجدد مشغولين بالاستهلاك الترفى والمتع الحسية والمادية ولم يرثوا تراث أرستقراطية الماضى تلك التى كانت ترعى الأدباء والفنانين لأنها كانت تمتلك ذائقة فنية راقية وكانت الموسيقى والشعر وحفلات الأوبرا تشكل جوهر المتعة لديها، أما الأغنياء الجدد فهم مهتمون أكثر بامتلاك الشركات الكبرى وأراضى تقاسيم البناء وبالتالى فأنهم قراء للصفحات الاقتصادية ولنشرات المنتجات وكتالوجات الأجهزة الحديثة التى يستخدمونها أو يتاجرون فيها
القراءة نشاط إنسانى سيبقى طالما بقى الإنسان
يمكن القول أن ما انحسر من القراءة هى القراءة فى الأعمال الأدبية والفكرية أما القراءة كنشاط إنسانى فقد أصبحت سمة يشترك فيها الناس جميعاً بدءاً من السائق الذى يقرأ لافتات وإرشادات المرور مروراً بالباحثين عن وظيفة خالية فى إعلانات الصحف   وصعوداً حتى الباحثين الذين يطالعون الكتب فى المكتبات العامة ومكتبات الجامعة للإعداد لرسائل الماجستير والدكتوراة، أعنى أن القراءة الوظيفيةFunctional Reading والقراءة لغرض محددReading for specific purpose آخذة فى الانتشار، بينما القراءة للتأمل ولإدراك معان للوجود الإنسانى وللاستمتاع بالعوالم المتخيلة فهى تعانى من هزال واضح وينحصر مستخدميها فى فئة الكتاب والنقاد وحدهم رغم أن معظمهم أيضا لا يقرأون إلا أعمال أصدقائهم ربما للمجاملة وفى اعتقادى أن عودة قراءة الأعمال الأدبية العظيمة فى وطننا العربى مرهون بتحقيق أحلام الإنسان فى هذه المنطقة فى الحصول على الحد المعقول من الحياة الكريمة وأيضاً مرهون بتغيير مناهج الأدب فى المدارس والجامعات من حيث المحتوى والطريقة.




1-من محاضرة للدكتور حسين عبد الله الصديق منشورة بمدونته على شبكة الانترنت
2- بحث للدكتور محمود إسماعيل بعنوان" القراءة مصدرا للمعرفة( مخطوط)
3-علي حرب، هكذا أقرأ ما بعد التفكيك، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2005، 311 ص.
4- - The mask of Goldطبعة خاصة لوزارة التربية- Longman

ليست هناك تعليقات: