تستطيح عقول أبنائنا فى المرحلة الثانوية بقلم/ سمير الأمير
من هو
ذلك (الفذ) الذى قرر رواية" القناع الذهبى" التى لا تستحق حتى أن تسمى
رواية على طلاب الصف الثالث الثانوى إذ أنها
تموج بكل نواحى الضعف الفنى من حيث الشخصيات التى لا يمكن للطالب التورط
معها ولا تحمل أية ابعاد تساهم فى تشكيل وعيه ووجدانه أو تجعله قادرأعلى فهم الجوانب المختلفة للحياة
وهو فى تلك المرحلة العمرية التى تتطلب قدراً من المعارف والمواقف الأجتماعية
والعاطفية تسهم فى تكوين شخصيته لكى يتمكن من التفاعل مع الحياة المعقدة التى
يعيشها الآن والتى ستزداد تعقيداً بعد أن
يتخرج ، تحكى تلك الرواية الساذجة عن باحثة آثار مصرية درست فى إيطاليا ومازلت
تخشى ركوب الطائرة حين يدعوها صديق والدها وملهمها الذى درست الآثارأقتفاءً لخطاه_
للحاق به فى" بيرو" لأنه لايجد هناك من يستطيع أن يوكل إليه قيادة
الفريق سوى" ليلى" التى تذهب
لتتحول إلى ما يشبه الشخصية التى كنا
نتهكم بها على مخرجين السينما الأونطة عندما يستهبلون علينا- فنقول أن البطل قريب المخرج، فليلى عندما ترفع حقيبة
أدواتها تعثر على تمثال وعندما ييأس الدكتور حافظ ويصبح برنامجه بالكامل عرضة لانتقاد هيئة اليونسكو ووقف التمويل تعثر ليلى
على القناع الذهبى فتحقد عليها إبنة بيرو "إميليا" وتدس لها تمثالاً فى دولاب
ملابسها لكنها تسامحها وتذهب معها إلى مدينة أوكمايو لتطارد " مارتن
لاندر" لص الآثار" الذى سرق أموال "والد إمليا"
وبالصدفة
أيضاً وبما أن ليلى "قريبة المخرج" تعثر ليلى على موقع أثرى جديد وأحداث
كثيرة أهمها إن ليلى تشترك مع الدكتور حافظ فى المطاردة الأخيرة
"
لمارتن لاندر" لكنها هى التى تحسم الموقف فتنتهز فرصة خروج "لاندر"
من سيارته ليهرب بطائرة صغيرة فتقود هى السيارة بأقصى سرعة وتصدم الطائرة وبعد ذلك
يصل البوليس _ شفت الحلاوة_
لا داعى أبداً أن أصدمكم بالقول أن هذه
(الحدوته الهبلة) حلت محل الرواية العظيمة " أوقات عصيبة Hard Times للكاتب العظيم تـشارلز ديكنز التى كانت تحتوى-
ناهيك عن مستواها الفنى كعمل ابداعى فذ "بجد مش زى"فذ" بتاعة أول
سطر فى المقال- كانت تحتوى على خبرات فى التربية والعاطفة والتاريخ والفقر والثروة
والثورة ونضال البشر وقيمة الفن وجدوى
الحياة ولكن يبدو أن مهندسى المناهج فى الوزارة لديهم سياسة أخرى فحواها
التسلية المفلفلة التى تتجنب تربية
الأجيال بما أن الأعمال الأدبية العظيمة تحتوى على أفكار قد تكون لها عواقب وخيمة
لا تتناسب مع هذه المرحلة من تاريخنا التى أصبحت فيها الأفكار التى تحمل مضموناً
تربوياً حقيقياً من مخلفات الحرب الباردة.
هل تصدق
أن المسئولين عن المناهج فى وزارة التعليم
يرون أن رواية ديكنز العظيمة" أوقات
عصيبة" عملاً من مخلفات الماضى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق