الأحد، مايو ١٧، ٢٠٢٠

فرصة

  
 نحاكمه ونحاكم أنفسنا            بقلم /سمير الأمير

 طبعاً كنا نتمنى أن يحاكم صدام من قبل الشعب العراقى ولكن للأسف المحاكمة تتم من قبل أناس مجرمين  ليس بسبب ما حدث فى الدجيل ولكن لإرهاب الحكام الذين يفكرون فى الخروج عن النص الأمريكى ومهما كان رأينا فى حكم البعث فإن مايحدث فى المحكمة هو إهدار للمروءة وجرح فى كرامة كل عربى ولو أن هناك بقية من نخوة لتم تأجيل المحاكمة إلى مابعد جلاء المحتل على أن تشمل ليس النظام السابق فقط ولكن ايضاً هؤلاء الذين ساهموا مع أسيادهم فى إهدار كرامة أمتنا فى " أبو غريب" وفى سجون وزارة الداخلية العراقية بعد الإحتلال، ومن الغريب أن نجد بيننا من يتشفى فى صدام حسين ورفاقه  وأنا أستغرب من هؤلاء الحكام الذين كانوا يستقبلونه بالقبلات ويشدون على يده باعتباره بطل القادسية الجديدة ، أين هم الأن مما يحدث إنهم يتفرجون دون ابداء أى تعليق كأن ما يحدث لايهم شعوبهم ولايهمهم من قريب أوبعيد ربما لأنهم يعلمون يقيناً أن صدام ورفاقه لا يحاسبون على ما اقترفوه فى حق أهل الدجيل ولكنهم يحاسبون على رفضهم للمشروع الصهيونى وإصرارهم على بناء وطن مستقل، ذلك الإصرار الذى كان يسير بخطى عرجاء حيث اقترن أيضاً بغياب الديموقراطية التى تشكل الضمانة الأساسية لأى مشروع نهضوى وبالتالى كان من اليسير على المتربصين بأمتنا الانقضاض على ما بدا لنا حينها أنه عصى على الانهيار
   
إن تجربة التنمية المستقلة التى خاضتها مصر فى العهد الناصرى تم ضربها من االخارج فى حرب يونيو67ولكن مصر لم تستسلم فتم الإجهاز عليها من داخل النظام حيث تبنت القيادة بعد عبد الناصر خطاً مهادناً للعدو الصهيونى وأهدرت الانتصار العظيم الذى حققته القوات المسلحة الباسلة فححقق العدو نصراً سياسياً عندما اعترفت بدولته أكبر دولة عربية ،وقادت العراق ماسمى وقتها  بجبهة الصمود والتصدى التى لم تكن قادرة لا على الصمود ولا على التصدى ولا سيما بعد ظهور بوادر انهيار الكتلة الاشتراكية، وتركت مصر المعذولة عن محيطها الذى يعطيها القدرة على القيادة فريسة سهلة للقوى التى كانت تحلم بمعاقبتها على تمردها على النظام الإستعمارى الجديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية
     ثم كان بعد ذلك أن اقترفت القيادة العراقية خطيئة حربها الممولة أمريكيا وعربياًً ضد الثورة الإيرانية وكانت الولايات المتحدة تطبق فى سياستها قواعد ماعرف  بلعبة إشعال الحروب" the game of making war
 وكان ما حدث من غزو العراق للكويت وانقسام النظام العربى الذى كان يمكنه عبر وسائل شتى تدارك الموقف لولا ارتباط بعض أركان هذا النظام  الظاهر أو المسستتر بالمشروع الأمريكى ورغبة البعض الأخر فى الإنتقام من النظم القومية التى شكلت فى وقت سابق تهديداً لوجودهم فى سدة الحكم
     
هل بعدنا عن موضوع المحاكمة؟ لا ولكن يبدو أننا بحاجة إلى محاكمة أنفسنا على ما اقترفناه فى حق أنفسنا وفى حق أوطاننا قبل أن نواصل انهيارنا الأخلاقى بمحاسبة صدام حسين وحده على جرائم ساهمنا نحن فى ارتكابها معه بدفعه وبتشجيعه على بعضها وبصمتنا على بعضها الأخر.
                                           2-6-2006                           

ليست هناك تعليقات: