كنت
قد كتبت هذا المقال منذ عامين تقريبا وأرسلته لصحيفة يسارية مصرية ولكنه لم ينشر
فاستعنت على نفسى بالله وأرسلته لصحيفة من الصحف التى تسمى " قومية" ولم
ينشر أيضاً وأسر لى بعض الأصدقاء أن طرح مفهوم ضد قيام دولة فلسطينية فى حدود الضفة والقطاع لا يمكن أن يتبناه أحد
وأن خيار الدولة الواحدة لم يعد مطروحا ولا ممكنا ولكنى فوجئت بنشر جريدة البديل
لمقال يقترب من نفس الفكرة للكاتب الصحفى/ صلاح صابر فأسعدنى أن أجد أنه مازال
هناك من يناقش مشروع الدولة العلمانية
الواحدة الذى قد يمثل حلاً للصراع"
-----------
المقال
الدولة
الفلسطينية فى ظل تخلخل مفهوم السيادة بقلم/ سمير الأمير
***
لا
أظن أن دولة فلسطينية فى حدود 67 سيكتب لها الحياة، وذلك فى تصورى يرجع لسببين
أولهما الوجود العنصرى للكيان الصهيونى المدعوم من الغرب والولايات المتحدة علانية
والمدعوم سرا وعلانية من معظم النظم العربية إذا جاز لنا أن نسميها نظمأ، إذ أن
تلك النظم تمارس قمعاً( منظماً) من أجل الحفاظ على حالة الضعف والتخلف التى تجعل
من الإنسان العربى مجرد هلفوت مقموع يسعى للحصول على لقمة عيشه من الفتات الساقط
من موائد رجال البيزنس الذين يشكلون حكومات متخصصة فى الحفاظ على الجسد العربى
مريضاً لكى تلعب الرأسماليات الطفيلية دورها فى استثمار ذلك المرض وهذا بالتأكيد هو
السبب الثانى.
الشيء
الغريب فى السعى الفلسطينى المتعجل لتأسيس الدولة أن ذلك السعى يتجاهل حقيقة أنه لا
يوجد أصلاً دول عربية بالمعنى الحديث للكلمة إذ ليس هناك فى أى بلد عربى أى نوع من
النظم المتعارف عليها فى كل بلاد العالم
دفعنى
إلى هذا الكلام تذكرى لما ما حدث عند اقتحام جيش الكيان
الصهيونى العنصرى لسجن أريحا وإلقاء القبض على المفترض أنهم مقبوض عليهم أساسا مما
جعل البعض وقتها يتعجب من
السلوك الإسرائيلى وكان على رأس الأخوة المتعجبين الأخ عمر موسى الأمين العام
للجامعة التى عجزت حتى الآن عن جمع أى شي، وقد أدهشنى ذلك إذ لم أجد فيما فعلته إسرائيل
ما يدعو لكل هذا الاستغراب الدبلوماسي الذى عبر عنه السيد عمر موسى الذى مازال
يذكر بالتأكيد حادثة خطف الولايات المتحدة الطائرة المصرية التى كانت تحمل
الفلسطينيين المتهمين فى حادث الباخرة آكيلى لاورو، وقتها تدخلت مصر وانتهى الأمر
بالاتفاق على تسليمهم لمنظمة التحرير لمحاكمتهم في تونس ولكن الولايات المتحدة
قامت بعملية القرصنة الجوية لكى تختبر مدى رد الفعل المصرى وقد عبر الرئيس مبارك
عن انزعاجه ورفضه للتصرف الأمريكى وطالب الولايات المتحدة بالاعتذار ولكن الرئيس
الأمريكى ريجان رفض أن يقدم أى ترضية وقد شكلت هذه الحادثة بداية خلخلة مفهوم
السيادة وكان الغضب المصرى مؤقتاً ولم تشكل تلك الحادثة الخطيرة أى تغير جوهرى فى
السياسة المصرية التى تعتبر الولايات المتحدة دولة صديقة
فهل يعقل بعد ذلك أن يتحدث الفلسطينيون فى حركة فتح عن دولة
فلسطينية يحملها الوعد الأمريكى، أم أنهم بحاجة إلى أن يصبحوا مثلنا
ويستلهمون نضالنا الذى يقوده شعبان عبد الرحيم بألحانه التى لا تتغير عندما يتدخل
ليوجه انتقاداته خفيفة الدم إلى بوش وشارون وفى المقابل يعلنها مدوية أنه يكره إسرائيل
و يحب عمر موسى،
هل لى أن أسأل بعض الإخوة الفلسطينيين القابعين
على طريق الحل السَلمى (بفتح السين) ينتظرون خارطة لا تبين؟ هل تريدون حقا دولة
تعيش جنباً إلى جنب مع الكيان الصهيونى الذى لا يقبل السيادة.. يعنى إذا كان لم يقبل
بالعراق ويسعى لتدمير إيران فهل يقبل هذا الكيان أن تقوم دولة عربية فلسطينية حرة
مستقلة متاخمة له تتفاعل مع محيطها العربى .. أعتقد أن ذلك من قبيل الوهم،
ما
الذى
علينا إذن أن نفعله؟ هل نقف مكتوفى الأيدى نتفرج على ما يحدث فى فلسطين دون أن
نحرك ساكناً؟ بالقطع لا، ولكنى أرى أن الشرط الجوهرى لقيام دول عربية ذات سيادة لن
يتحقق إلا بالقضاء على الطبيعة الصهيونية العنصرية لإسرائيل عبر دعم كل أشكال المقاومة
المشروعة، شريطة أن تتكامل هذه المقاومة مع النضال العالمى ضد الرأسمالية وأن تعمق
علاقاتها مع كل القوى الشعبية التى تقاوم العولمة والهيمنة وألا تسقط فى الفخ
العنصرى بتبنى شعارات عنصرية تكفيرية معادية لقيم التقدم الإنسانى وكذلك عبر دعم
الحوار بين أنصار السلام الحقيقى سعياً
لإقامة دولة واحدة عربية علمانية ديموقراطية فى فلسطين تضمن عودة اللاجئين
دون قيد أو شرط ويحيا فيها اليهود والعرب متمتعين بذات الحقوق وذات الواجبات، ولعل
البعض يسخر من هذا الكلام ويتهمنى بالمثالية أو حتى الجنون، لكن انتهاء حكم
"الأبرتايد" فى جنوب أفريقيا ينبغى أن يلهم الباحثين عن حل يستلهم كل
سعى البشر ونضالهم من أجل العيش المشترك بغض النظر عن اللون والجنس والدين وساعتها
فقط، أعنى ساعة أن يتم تصفية الصهيونية لصالح السلام الدائم والشامل والعادل سوف
يمكننا أن نتحدث عن دولة فلسطين الواحدة بيهودها ومسيحييها ومسلميها وسوف يمكننا ساعتها أن نتعرف على دول عربية أخرى
بالمعنى الحديث لكلمة دول والأجمل أننا ساعتها سنصبح مواطنين محترمين نتمتع بحقوق
الإنسان ونتمتع بالسيادة التى تجعل الحكام مواطنين مثلنا تماما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق